بسم الله الرحمن الرحيم
****
الحمدُ للهِ ربِّ
العالمين، وصلَّى اللهُ وسلم على رسولِه نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِه وأصحابِه وسلِّم
تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
فإن أكبرَ نعمةٍ
أكرمَ اللهُ بها على هذه الأمةِ هي بعثةُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وإنزالُ القرآنِ
الكريمِ عليه لهدايةِ الناسِ وتبصيرِهم وتذكيرِهم بما ينفعُهم في الدنيا والآخرة،
فالقرآنُ كلامُ اللهِ حروفه ومعانيه، منزَّلٌ غيرُ مخلوق، منه بدأ وإليه يعود: {وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ
ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٩٢نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ ١٩٣عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ
ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ ١٩٥} [الشعراء: 192-
195]، فيه الهدى والنُّور.
قال اللهُ سبحانه
وتعالى: {تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ
عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1] فهو
كتابٌ عالَمي لجميعِ البشرِ، بل للجنِّ والإنسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، لمَّا سمعَه
الجن: {قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ
ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا
١يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فََٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا
٢} [الجن: 1- 2].
وقال تعالى: {ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ
أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ ١قَيِّمٗا
لِّيُنذِرَ بَأۡسٗا شَدِيدٗا مِّن لَّدُنۡهُ وَيُبَشِّرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ
يَعۡمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرًا حَسَنٗا ٢مَّٰكِثِينَ فِيهِ أَبَدٗا
٣وَيُنذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗا ٤}[الكهف: 1-4] إلى آخر الآيات.
وقد وصفَ اللهُ سبحانه وتعالى هذا القرآنَ الكريمَ بأوصافٍ عظيمةٍ، فقال في أولِ سورةِ البقرةِ -التي هي ثاني سورِ القرآنِ بعد الفاتحة-: {الٓمٓ ١ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ٢ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ