ٱلصَّلَوٰةَ
وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ
وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ٤} [البقرة: 1- 4]، فوصفه بأَنَّه هدى للمتقين.
وقال في أثناءِ هذه
السورة{شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ
أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ} [البقرة: 185]، فوصفَه اللهُ في أولِ السورةِ بأنه هدًى
للمتقين، ووصفَه في أثنائِها بأنه هدًى للناس، وهذا الوصفُ عامٌّ للمتقين وغيرِ
المتقين.
أَمَّا
الْمُتَّقُونَ، فهو هُدًى لهم بمعنى أَنَّهُمْ ينتفعون بِهِ ويستفيدون منه
ويستضيئون بِنُورِهِ؛ وأما غير الْمُتَّقِينَ، فهو هُدًى بمعنى أنه يبينُ لهم
طريقَ الرشادِ - إذا أرادوا لأنفسِهم الرشادَ - فهو هدي دلالةٍ وإرشادٍ لكلِّ
الناسِ، وهدي توفيق للمتقين خاصةً الذين استجابوا لهذا القرآن.
لأن الهدايةَ على
قسمين: هداية توفيقٍ وعملٍ، وهذه خاصةٌ للمؤمنين. وهدايةِ دلالةٍ وإرشاد، وهذه
عامةٌ لجميعِ الناس. وقال سبحانه وتعالى في وصفِ هذا القرآن: {إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ
يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ
ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا ٩وَأَنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ
أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا ١٠} [الإسراء: 9- 10]،
وصفه اللهُ بأنَّه يهدي للتي هي أقوم، يعني للطريقةِ التي هي أقومُ الطرقِ
وأعدلُها، المُوصِّلةُ إلى اللهِ سبحانه وتعالى، فإذا أردتَ الوصولَ إلى اللهِ عز
وجل وإلى جناتِه؛ فعليك أن تعملَ بهذا القرآنِ الكريم؛ لأنه يدلُّك ويهديك
ويُرشدُك إلى الطريقِ إلى اللهِ سبحانه وتعالى.
كما وصفَه في آيةٍ أخرى بأنه روح، ومن معاني الروحِ ما تَحيا به القلوبُ وتحصُلُ به الحياةُ المعنويةُ، كالجسمِ إذا كان فيه روح يكون حيًّا، وإذا خرجتْ منه الروحُ يكونُ ميتًا: {وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ} [الشورى: 52]؛ والمقصودُ بالروحِ هنا القرآنُ الكريم الذي أوحاه اللهُ إلى رسولِه.