×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا ١٢٥ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ ١٢٦ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي مَنۡ أَسۡرَفَ وَلَمۡ يُؤۡمِنۢ بِ‍َٔايَٰتِ رَبِّهِۦۚ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبۡقَىٰٓ ١٢٧ [طه: 123- 127].

فالله أنزل الكتب وأرسل الرسل لهداية مَن يَقبل الحق وينتفع به، ولإقامة الحجة على من عاند واستكبر.

وفي هذه الآية: {هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ [آل عمران: 7]. الضمير عائد إلى الله جل وعلا، في أول الآيات قال: {ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُ [آل عمران: 2]. فالله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم هو الذي أنزله.

فالكتاب منزَّل من عند الله غير مخلوق، كما تقوله الجهمية والمعتزلة ومَن ضل السبيل وأَخَذ بقولهم. وليس هو مأخوذًا من اللوح المحفوظ كما تقوله الأشاعرة ومَن نحا نحوهم. وإنما هو كلام الله جل وعلا، تَكلم به حقيقة، وحَمَله جبريل عليه السلام أمين الوحي وبَلَّغه لمحمد صلى الله عليه وسلم، وبَلَّغه محمد صلى الله عليه وسلم لأمته، قال سبحانه: {وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٩٢ نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ ١٩٣ عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤ بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ ١٩٥ [الشعراء: 192- 195]، ليس مأخوذًا من اللوح المحفوظ أو من جبريل أو من محمد، وإنما الذي أنزله هو الله جل وعلا، فهو كلامه حقيقة.

والخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم، والمنزَّل يسمى القرآن والكتاب، ويسمى الذِّكر، ويسمى الفرقان، وله أسماء كثيرة تدل على عظمته. وكل اسم من هذه الأسماء القرآنية له معنى.

فالقرآن كتاب عظيم، وهو أعظم الكتب الإلهية، وهو مهيمن عليها ومُصدِّق لها، وهو الكتاب الباقي، وهو المعجزة الخالدة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي تحدَّى الله به الجن والإنس على أن يأتوا بمثله


الشرح