فلما
رأى النبي صلى الله عليه وسلم عزمهم وتصميمهم، دعا ربه سبحانه وتعالى، وبات كل
الليل يصلي ويدعو ربه عز وجل، وأصحابه نائمون.
فلما
أصبح النبي صلى الله عليه وسلم وصلى بهم الفجر، صَفَّهم للقتال مقابل المشركين.
والمشركون معهم جمع هائل وقوة هائلة، لكن المسلمون معهم الإيمان، والكفار ليس معهم
إيمان، وإنما معهم السلاح، والقوة لا تنفع مع عدم الإيمان، فلابد من الإيمان
والسلاح.
تَقَابَل
الفريقان والتحم الصفَّان في القتال، ونزلت الملائكة تؤيد المسلمين وتُثَبِّت
المسلمين، وتُلْقِي الرعب في قلوب الكفار.
فانهزم
الكفار وانتصر عليهم المسلمون، وقتلوا منهم سبعين، فيهم صناديد قريش وطغاتهم، وعلى
رأسهم أبو جهل فرعون هذه الأمة، وأَسَرُوا منهم سبعين، ورجعوا بأموالهم التي خرجوا
بها، وصارت غنيمة للمسلمين، فكانت أحسن لهم من القافلة، حيث عَوَّضهم الله سبحانه
وتعالى خيرًا منها، قال تعالى: {وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِم
بَطَرٗا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ بِمَا
يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ ٤٧ وَإِذۡ زَيَّنَ
لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ مِنَ ٱلنَّاسِ
وَإِنِّي جَارٞ لَّكُمۡۖ فَلَمَّا تَرَآءَتِ ٱلۡفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ
عَقِبَيۡهِ﴾ [الأنفال:
47- 48] يرى الملائكة، والشياطين لا تُقابِل الملائكة، {وَقَالَ إِنِّي
بَرِيٓءٞ مِّنكُمۡ إِنِّيٓ أَرَىٰ مَا لَا تَرَوۡنَ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَۚ وَٱللَّهُ
شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [الأنفال:
48]، فعند ذلك هزم الله المشركين.
وكانت وقعة بدر هي الفاصلة بين المسلمين والكفار. وسمَّاها الله يوم الفرقان لأن الله فَرَّق فيها بين الحق والباطل، فرجع المسلمون غانمين سالمين معهم الأموال ومعهم الأسرى، ورجع الكفار بالخيبة والخسران.