×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

خرج صلى الله عليه وسلم لا يريد قتالاً، وإنما يريد أن يعترض هذه القافلة التي لأهل الشرك وأهل الكفر؛ ليتقوَّى بها المسلمون ويتعوَّضوا عما تركوا من أموالهم في مكة تحت ضغط الكفار وقهرهم. فلما عَلِم أبو سفيان قائد القافلة بخروج المسلمين يريدون القافلة؛ عَدَل عن الطريق الذي يمر ببدر إلى طريق الساحل الذي يؤدي إلى مكة، ففاتت القافلة، ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه على ماء بدر.

ولما عَلِم الكفار بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليعترضوا هذه القافلة، جمعوا كيدهم وبأسهم وشدتهم وسلاحهم وخرجوا يريدون حماية القافلة، وبينما هم في الطريق جاءهم الخبر أن القافلة نجت وأنها ذهبت عن طريق الساحل، فتشاوروا بينهم هل يرجعون لأن المهمة انتهت؟ فأشار عقلاؤهم بالرجوع لأن المهمة انتهت، لكن جبابرتهم وطغاتهم قالوا: لا نرجع حتى نصل إلى ماء بدر. وما عَرَفوا أن المسلمين عليه، فقالوا: ننزل على ماء بدر وننحر الإبل ونضرب الدفوف حتى يسمع العرب بخروجنا فيهابونا!! والله هو الذي قادهم سبحانه وتعالى.

وما شَعَر المسلمون إلا والكفار مقابلون لهم في بدر؛ كما قال تعالى: {إِذۡ أَنتُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلۡقُصۡوَىٰ وَٱلرَّكۡبُ [الأنفال: 42] يعني القافلة {أَسۡفَلَ مِنكُمۡۚ وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡمِيعَٰدِ وَلَٰكِن لِّيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗا [الأنفال: 42]، والمسلمون ليس معهم قوة وليس معهم سلاح، والكفار معهم السلاح والقوة والرجال والأبهة.

عند ذلك استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، ماذا يفعلون؟ هل يرجعون أو يقاتلون؟ فأشار عليه أصحابه بالقتال وعزموا على ذلك.


الشرح