والمراد
بالكفر: الكفر بالله عز وجل، والكفر برسله وملائكته وكتبه
واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، فالكفر يشمل هذا كله. ولما سُئل النبي صلى الله
عليه وسلم عن الإيمان، قال: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ،
وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ
وَشَرِّهِ» ([1])،
فمَن كَفَر بركن من هذه الأركان الستة فهو الكافر حقًّا، قال تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ
يَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ ٱللَّهِ
وَرُسُلِهِۦ وَيَقُولُونَ نُؤۡمِنُ بِبَعۡضٖ وَنَكۡفُرُ بِبَعۡضٖ وَيُرِيدُونَ أَن
يَتَّخِذُواْ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ١٥٠ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ حَقّٗاۚ وَأَعۡتَدۡنَا
لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا ١٥١﴾ [النساء: 150، 151].
وهنا
قال تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ
أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡٔٗاۖ﴾ [آل عمران: 10]. هذا مِثل قول إبراهيم عليه السلام: {يَوۡمَ لَا
يَنفَعُ مَالٞ وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ ٨٩﴾ [الشعراء: 88، 89].
ففي
يوم القيامة لا ينفع الإنسان كثرة ماله ولا كثرة أولاده، مادام أنه لم يؤمن بالله،
فإنه لا تنفعه هذه الأشياء، إنما هذه الأشياء في الدنيا، وقد انتهى مفعولها وانتهى
وقتها. أما الآخرة فلا ينفع فيها إلا العمل الصالح، كما قال تعالى: {وَقَالُواْ
نَحۡنُ أَكۡثَرُ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ [سبأ: 35]. فهم يظنون أن الله أعطاهم المال والأولاد في
الدنيا، وفي هذا دليل على كرامتهم وأنهم في الآخرة لا يُعذَّبون.
قال تعالى: {قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٣٦ وَمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُم بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمۡ عِندَنَا زُلۡفَىٰٓ إِلَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ جَزَآءُ ٱلضِّعۡفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمۡ فِي ٱلۡغُرُفَٰتِ ءَامِنُونَ ٣٧﴾ [سبأ: 36، 37].
([1]) أخرجه: مسلم رقم (8).