فهذا
فيه الحث على تعلم العلم، لا سيما تعلم التَّوحيد والعقيدة على أيدي العلماء، لا
على أيدي المتعالمين أو الجهال، بل على أيدي العلماء؛ لأن الله استشهد بهم على
التوحيد.
وفي
هذا أيضًا: أن الشهادة لا تكون إلا عن علم، ولا تكون الشهادة عن
ظن، وإنما تكون عن علم، كما قال تعالى: {وَلَا يَمۡلِكُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَٰعَةَ
إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾
[الزُّخرف: 86]، {وَمَا شَهِدۡنَآ إِلَّا بِمَا عَلِمۡنَا﴾ [يوسف: 81].
ثم
قال جل وعلا: {قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ﴾
[آل عمران: 18] {قَآئِمَۢا﴾
منصوب على الحال، أي: حالة كونه قائمًا بالقسط - أي: العدل - بين عباده، فالله جل
وعلا هو الحَكَم العدل، الذي لا يَظلم أحدًا، فلا يَظلم المحسن فيُنقِص من حسناته
شيئًا، ولا يَظلم المسيء فيجعل عليه سيئات لم يعملها، وإنما يجازيه بعمله، ولا
يَحمل عليه سيئات لم يعملها؛ لأنه جل وعلا قائم بالقسط وهو العدل.
ثم
قال جل وعلا: {لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ﴾
[آل عمران: 18] هذا مُؤكِّد لما سبق في أول الآية.
{ٱلۡعَزِيزُ﴾ [آل عمران: 18] القوي الذي لا يضام سبحانه وتعالى، فهو
ذو العزة والقوة التي لا تُغالَب.
{ٱلۡحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 18] الذي يُحْكِم الأشياء ويتقنها، ويضع
الأمور في مواضعها، فالله جل وعلا إنما يضع الأمور في مواضعها، فيضع الفضل فيمن
يستحق الفضل، ويضع الذلة والمهانة على من يستحق الإهانة.
ثم قال جل وعلا: {إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ﴾ [آل عمران: 19]. قرئ بالكسر: {إِنَّ ٱلدِّينَ﴾، وقرئ بالفتح: «أَنَّ الدِّين»: