×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 يأتون ليستمعوا للعلم والدرس، أفسحوا لهم المكان، اجعلوا لهم فرصة.

{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمۡ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلۡمَجَٰلِسِ فَٱفۡسَحُواْ يَفۡسَحِ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ [المجادلة: 11] أي: قوموا للصلاة أو غيرها، {فَٱنشُزُواْ [المجادلة: 11] قوموا لعبادة الله سبحانه وتعالى.

ثمّ قال جل وعلا: {يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ [المجادلة: 11] فأخبر أنه يرفع المؤمنين وأهل العلم على غيرهم درجات.

وقال صلى الله عليه وسلم: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ» ([1])، فالعالِم أفضل من العابد الذي ليس عنده علم، وإنما يَعبد الله لكن ليس عنده علم. والعالِم يضيء للناس طريق الخير وطريق الرشاد.

فالذي يُرخِّص العلماء ويتكلم فيهم ويتنقصهم؛ هذا من المنافقين، الذين قالوا: «ما رأينا مثل قُرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، وأكذب ألسنًا، وأجبن عند اللقاء». يَعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

فالذي يتنقص أهل العلم ويَحطُّ من قدرهم ومن منزلتهم منافق؛ لأن الله رَفَع من شأنهم واستشهد بهم على توحيده سبحانه وتعالى.

وفي هذا أيضًا: أن توحيد الله إنما يُعْلَم بالتعلم والدراسة، فلا يؤخذ التوحيد عن تقليد أو عن اجتهاد أو رأي؛ وإنما يؤخذ التوحيد عن العلماء.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (21715)، وأبو داود رقم (3641)، وابن ماجه رقم (223).