فوَصَف نفسه بالعلم
والقدرة، وإذا كان كذلك فلا أحد يتخلص منه ولا أحد يَفلت من قدرة الله.
ثم
قال جل وعلا: {يَوۡمَ تَجِدُ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ مِنۡ خَيۡرٖ
مُّحۡضَرٗا﴾ [آل عمران: 30] في الآية
السابقة قال: {وَإِلَى ٱللَّهِ
ٱلۡمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28] وهذا المصير
هو اليوم الذي تجد فيه كل نفس ما عملت من خير أو شر {مُّحۡضَرٗا﴾ حاضرًا، {وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ
أَحَدٗا﴾ [الكهف: 49].
{مَّا عَمِلَتۡ
مِنۡ خَيۡرٖ مُّحۡضَرٗا وَمَا عَمِلَتۡ مِن سُوٓء﴾
[آل عمران: 30] أيضًا تجده محضرًا. ما عملت من خير تجده محضرًا، وما عملت من سوء
أيضًا تجده محضرًا، لا يضيع منه شيء أبدًا، فلا يضيع من حسناتك شيء، ولا تجازى
بغير سيئاتك.
{تَوَدُّ لَوۡ
أَنَّ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَهُۥٓ أَمَدَۢا بَعِيدٗاۗ﴾
[آل عمران: 30] الكافر يوم القيامة إذا رأى أعماله ود لو أنه بعيد عنها لا يراها
ولا تحضر عنده؛ لأنها تسوؤه - والعياذ بالله - فهو يود أنه يكون بينه وبين عمله
السيئ أمد بعيد، أي: زمان بعيد أو مكان بعيد؛ لأنه يَكره عمله ولا يرى إلا ما
يسوؤه.
بخلاف
المؤمن، فإنه يفرح بعمله، {فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ
هَآؤُمُ ٱقۡرَءُواْ كِتَٰبِيَهۡ﴾
[الحاقة: 19] يُظهر الكتاب للناس، يقول مسرورًا به: {فَأَمَّا مَنۡ
أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقۡرَءُواْ كِتَٰبِيَهۡ ١٩ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَٰقٍ حِسَابِيَهۡ ٢٠ فَهُوَ فِي عِيشَةٖ رَّاضِيَةٖ ٢١ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٖ ٢٢
قُطُوفُهَا دَانِيَةٞ ٢٣ كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ
هَنِيَٓٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ ٢٤﴾ [الحاقة: 19- 24].
{وَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِشِمَالِهِۦ فَيَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي لَمۡ أُوتَ كِتَٰبِيَهۡ ٢٥ وَلَمۡ أَدۡرِ مَا حِسَابِيَهۡ ٢٦ يَٰلَيۡتَهَا كَانَتِ ٱلۡقَاضِيَةَ ٢٧﴾ [الحاقة: 25-27] ليتني لم أُبعَث، {كَانَتِ ٱلۡقَاضِيَةَ﴾ أي: كانت النهاية. لا بعث بعدها، تمنَّى أنه لم يُبعَث.