{ٱللَّهُ
يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ﴾
[آل عمران: 40] يعني: لا يعجزه شيء فهو القادر. وفي الآية الأخرى: {وَقَدۡ
خَلَقۡتُكَ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ تَكُ شَيۡٔٗا﴾
[مريم: 9] فالذي خَلَق زكريا وهو لم يكن شيئًا؛ قادر على أن يُوجِد له ولدًا في
حال كبره وحال عقم امرأته.
فطَلَب زكريا عليه السلام علامة على حصول هذا
الشيء {قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل
لِّيٓ ءَايَةٗۖ﴾ [آل عمران: 41] أي: علامة
أعرف بها أن زوجتي حملت. لأنه استبعد أنها تحمل، فقال: اجعل لي علامة أعرف بها إذا
حملت زوجتي حتى يطمئن قلبي.
{قَالَ
ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمۡزٗاۗ﴾ [آ ل عمران: 41] فيصاب بحصر الكلام فلا يتكلم، مع أنه
كان فصيح اللسان يتكلم ويخطب، لكن يصاب إذا حملت امرأته بأنه يُمسَك لسانه عن
الكلام. فهذه آية وعلامة على حمل امرأته.
{إِلَّا
رَمۡزٗاۗ﴾ يشير إلى قومه، بدل الكلام.
وفي الآية الأخرى {أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَٰثَ لَيَالٖ سَوِيّٗا﴾ [مريم: 10]: ليس فيك خَرَس، وإنما هذا مانع عارض
وسيزول.
ثم
أَمَره سبحانه أن يشتغل بذكر الله في هذه الحالة، فقال: {وَٱذۡكُر
رَّبَّكَ كَثِيرٗا وَسَبِّحۡ بِٱلۡعَشِيِّ﴾
[آل عمران: 41] أول الليل {وَٱلۡإِبۡكَٰرِ﴾
[آل عمران: 41] أول الصباح. أَمَره الله بالذكر والعبادة في هذين الوقتين.
فهذا
حاصل ما قصه الله سبحانه وتعالى عن قصة زكريا العجيبة وأول قصة مريم.
وصَلَّى الله وسَلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه.
***
الصفحة 11 / 327