×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

{ٱصۡطَفَىٰٓ ءَادَمَ [آل عمران: 33] أبا البشرية، اختاره وخصَّه بخصائص وكرامات:

أولاً: أنه خلقه بيده سبحانه وتعالى.

ثانيًا: أنه أَسجد له ملائكته تكريمًا له.

ثالثًا: أنه عَلَّمه الأسماء كلها، وظهر فضله على الملائكة بالعلم.

ومنها: أنه أسكنه الجنة {يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ [البقرة: 35]، كرامات عظيمة. هذا ما خَصَّ الله به آدم عليه السلام.

{وَنُوحٗا [آل عمران: 33] عليه السلام هو أول رسول إلى أهل الأرض، لما حَدَث الشرك في قومه بسبب الغلو في الصالحين؛ لأنه كان منهم رجال صالحون يحبونهم، فماتوا جميعًا، فحزنوا عليهم لما فقدوهم، فجاءهم الشيطان وقال لهم: صَوِّروا صُوَرهم وانصبوها على مجالسهم من أجل أن تتذكروا أحوالهم؛ فتنشطوا على العبادة. وهو يريد بذلك مغزى بعيدًا - لعنه الله -، لكنه ظهر لهم بمظهر المشير الناصح، الذي يرشدهم إلى الاستمرار في عبادة الله سبحانه وتعالى !! فقاموا وصوَّروا صُوَرهم ونصبوها على المجالس.

ولكن كان وقتهم وجيلهم فيهم علماء، ولا يستطيع الشيطان أن يغري الناس بعبادة هذه الصور مع وجود العلماء!! فانتظر إلى أن مات هؤلاء العلماء ثم جاءهم وقال لهم: إن آباءكم ما نصبوا هذه الصور إلا ليعبدوها وبها يُسْقَون المطر!! فزَيَّن لهم عبادتها؛ فعبدوها من دون الله.

فحَدَث الشرك في الأرض من ذلك الوقت، وكان الناس قبل ذلك على التوحيد، بعد أبيهم آدم عليه السلام كانوا على التوحيد، فلما حَدَث الشرك بسبب الغلو في الصالحين، أرسل الله نوحًا عليه السلام


الشرح