×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

{وَإِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰكِ [آل عمران: 42] يعني: اختارك، الله جل وعلا هو الذي اختارها، على النساء.

{وَطَهَّرَكِ [آل عمران: 42] طَهَّرك مما يَعْرِض للنساء من العيوب، وطَهَّر أخلاقك بالصلاح والاستقامة.

ثم قال: {وَٱصۡطَفَىٰكِ [آل عمران: 42] اصطفاءً آخر. الاصطفاء الأول: هو الاختيار، والاصطفاء الثاني: بأن ميزكِ {عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلۡعَٰلَمِينَ [آل عمران: 42].

فهي خير نساء العالمين في وقتها؛ لِما حباها الله به من هذا الاصطفاء والتطهير.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ أَرْبَع: آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» ([1])، هؤلاء الأربع خير نساء العالمين. وفي رواية: «وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم » ([2])، هؤلاء النسوة كَمُلن من بين نساء العالمين.

{وَإِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ [آل عمران: 42] ثم كلمتها الملائكة مرة ثانية بأمر الله كلامًا مباشرًا تسمعه من الملائكة. وهذه فضيلة لها على غيرها أن تكلمها الملائكة.

{إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ [آل عمران: 45] هذه بشارة عظيمة خصها الله بها، أنها تلد هذا النبي الكريم الذي هذه صفاته العظيمة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3411)، ومسلم رقم (2431).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (3878).