×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

{يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ [آل عمران: 45] اسم لعيسى عليه السلام، يسمى كلمة الله؛ لأنه ليس له أب، وإنما وُجِد بكلمة من الله {ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ [آل عمران: 59] فهو وُجِد بهذه الكلمة، وهي قوله تعالى: {كُن، أما بقية بني آدم فإنهم يكونون من أب وأُم، إلا آدم عليه السلام فإنه خُلِق من غير أب ولا أم، خلقه الله من تراب، وحواء خلقها الله بدون أُم، خلقها الله من آدم عليه السلام، وعيسى عليه السلام -وهو النوع الثالث - خُلق من أُم بلا أب، وسائر البشر خُلقوا من أُم وأب.

{ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ [آل عمران: 45] والمسيح قيل معناه: الذي يمسح على ذي العاهة فيبرأ بإذن الله؛ لأنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله. وهذه معجزة من معجزاته عليه الصلاة والسلام، فسُمِّي المسيح، على وزن «فَعِيل» بمعنى «فاعل»، أي: الماسح الذي إذا مسح بيده على ذي العاهة أبرأه الله سبحانه وتعالى. وقيل: سُمِّي المسيح لأنه يسير في الأرض للدعوة إلى الله عز وجل.

{عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ [آل عمران: 45] لماذا قال: {ٱبۡنُ مَرۡيَمَ ؟ لأنه ليس له أب، وإنما له أُم فقط فنُسب إليها. وفي هذا رَدٌّ على النصارى الذين يقولون: المسيح ابن الله.

ثم وصفه بأوصاف عظيمة، فقال سبحانه في بيان الصفة الأولى: {وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ [آل عمران: 45] أي: له جاه عند الله. فالوجيه معناه: الذي له جاه عند الله. وهذا مدح له عليه الصلاة والسلام، كما أن موسى عليه السلام كان عند الله وجيهًا، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وجيه عند الله جل وعلا.

ولكن ليس معنى ذلك أننا نسأل الله بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم أو بجاه عيسى عليه السلام أو بجاه موسى عليه السلام؛ لأن هذا شيء لم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم،


الشرح