×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

ولهذا قال الله جل وعلا: {يُؤۡتِي ٱلۡحِكۡمَةَ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُؤۡتَ ٱلۡحِكۡمَةَ فَقَدۡ أُوتِيَ خَيۡرٗا كَثِيرٗاۗ [البقرة: 269].

والنبي صلى الله عليه وسلم دعا لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» ([1])، «فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»: أي: ارزقه الفَهْم في كتابك وسُنة رسولك. وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ([2]).

فليس المدار على كثرة الحفظ! ولكن المدار على الفَهْم، وفَهْم كتاب الله وسُنة رسوله فهمًا صحيحًا، هذا هو المقصود؛ ولهذا قال في عيسى عليه السلام: {وَيُعَلِّمُهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ [آل عمران: 48] أي: الفَهْم عن الله سبحانه وتعالى.

{وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ [آل عمران: 49] أي: وجَعَله رسولاً إلى بني إسرائيل، أرسله الله سبحانه إلى بني إسرائيل، يدعوهم إلى الله سبحانه، ويأمرهم بعبادته، وينهاهم عن التحريف الذي أحدثوه في التوراة، فهو رسول من أُولي العزم عليهم الصلاة والسلام.

{وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ وهم ذرية يعقوب، فإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، عليهم الصلاة والسلام.

ورسالته خاصة ببني إسرائيل، وكل نبي قبل نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم فإن رسالته خاصة، أما نبينا صلى الله عليه وسلم فإن رسالته عامة للثقلين الجن والإنس، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، يقول صلى الله عليه وسلم: «كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً» ([3])، كما قال الله جل وعلا آمرًا له: {قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا [الأعراف: 158].


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (3032)، والبزار رقم (5075).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (71)، ومسلم رقم (1037).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (335).