طَلَب مَن يناصره ويعينه
على هؤلاء الكفرة المعاندين، {قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ﴾
[آل عمران: 52] - وهم أتباعه وتلاميذه -: {نَحۡنُ
أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ﴾ [آل عمران: 52] ثم دَعَوا ربهم فقالوا: {رَبَّنَآ
ءَامَنَّا بِمَآ أَنزَلۡتَ وَٱتَّبَعۡنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ﴾ [آل عمران: 53].
فلما
رأى اليهود هذا، وأن عيسى عليه السلام له أنصار وأتباع، وأنه سيستمر على دعوته إلى
الله وإنكار ما هم عليه من الكفر؛ عند ذلك لجئوا إلى حيلة الاغتيال لعيسى عليه
السلام كما هي عادتهم في قتل الأنبياء.
{وَمَكَرُواْ
وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ﴾ [آل
عمران: 54] أي: مَكَر اليهود بعيسى عليه السلام، ومَكَر الله بهم؛ لأن الجزاء من
جنس العمل.
و«المكر»
هو إيصال الأذى بغير حق إلى الغير بطريق خفي لا يشعر به. هذا هو مكر المخلوقين،
أنهم يمكرون بغيرهم، بمعنى أنهم يدبرون له الأذى ويدبرون له المكائد خُفْيَة، ولكن
الله لا يخفى عليه شيء، فالله سبحانه مَكَر بهم، بمعنى أنه سبحانه دَبَّر لهم
أمرًا لا يقع في حسبانهم، فلا يعرفونه، فدَبَّر لعيسى عليه السلام أمرًا خفيًّا
نجاه به من مكرهم. والمكر من الله سبحانه وتعالى محمود؛ لأنه عَدْل منه سبحانه.
وأما المكر من المخلوق فإنه مذموم؛ لأنه ظلم وعدوان بغير حق.
ففَرْق
بين مكر المخلوق ومكر الخالق سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال: {وَٱللَّهُ
خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ﴾ [آل
عمران: 54] أي: إن مَكْره ليس كمكر المخلوقين الذين يظلمون الناس ويُسِرون لهم
العداوة والانتقام، بل مَكْر الله جل وعلا مكر محمود؛ لأنه عدل منه سبحانه، وعقوبة
لمن يستحق العقوبة.
ومَكْرهم بعيسى عليه السلام: هو أنهم ذهبوا إلى مَلِك من الكفرة من المشركين، فوشَوا بالمسيح عليه السلام وقالوا: «إن هذا الرجل يريد أن يُفسد