عليك
مُلْكك ويؤلب عليك الناس» عند ذلك غار هذا المَلِك الظالم على مُلْكه، وخاف من هذا
الرجل الذي وصفوه له بغير صفته الحقيقية، عند ذلك أرسل هذا المَلِك فِرْقة لقتل المسيح
عليه الصلاة والسلام، فجاءوا إلى رسول الله عيسى ابن مريم عليه السلام، وهو
وحواريوه في غرفة، وحاصروه ودخلوا عليه يريدون قتله!!
فالله
مَكَر بهم؛ فألقى شبه المسيح على رجل من الحاضرين، حتى صار كأنه المسيح. قيل: إن
هذا الرجل هو من الكفرة المعتدين. وقيل: إنه من أتباع المسيح، قال له المسيح:
يُلقى عليك شبهي فتُقتل فتدخل الجنة. فقَبِل ذلك.
والحاصل:
أنه ألقى الله شبهه على غيره، وصار كأنه المسيح، فأمسكوه وقتلوه، وصلبوه، وثبتوه
بالمسامير على الخشبة في يديه ورجليه، وظنوا أنه هو المسيح. أما المسيح عليه
السلام فإن الله رفعه من بينهم ولم يشعروا به، رفعه مِن فتحة في سقف الغرفة.
وهذا
معنى قوله تعالى: {إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَىٰٓ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ
وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ [آل عمران: 55]. وليس المراد وفاة الموت، وإنما هي وفاة
النوم؛ لأن النوم وفاة. فأُلقِي النوم على المسيح عليه السلام ورُفِع.
وقيل:
معنى {مُتَوَفِّيكَ﴾ أي: قابضك. والقبض يسمى وفاة.
{وَرَافِعُكَ
إِلَيَّ﴾ هذا فيه أن الله جل وعلا في
العلو؛ لأن الرفع لا يكون إلا إلى أعلى، ففيه إثبات العلو لله سبحانه وتعالى، وهو
صفة ذاتية من صفاته تعالى.
وهذا شرف لعيسى عليه السلام، أنه يُرفَع إلى الله سبحانه وتعالى، وحماية لعبده ورسوله، هذا هو المكر الذي دَبَّره الله سبحانه وتعالى من حيث لا يشعرون.