لما
بَيَّن هذا ودعاهم إلى المباهلة عليه بين المسلمين والنصارى، فيدعون باللعنة على
الكاذب منهم، فلما نكلوا وأبَوا أن يباهلوا، تبين أنهم على الباطل والضلال.
وحينئذٍ
أَمَر الله نبيه صلى الله عليه وسلم مرة ثانية أن يدعوهم إلى كلمة سواء، أي: عَدْل
ليس فيها جور على أحد، وإنما هي عدل يَرضى بها مَن كان قصده الحق؛ لأن العدل لا
أحد يكرهه، وإنما الذي يُكْرَه هو الجور، ولا يَكره العدل إلا مَن عنده خبث في
عقيدته وتَلَوُّن في فكره، فهذا هو الذي لا يريد العدل، وإنما يريد التعصب لما هو
عليه.
فقال
الله جل وعلا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلۡ
يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ﴾
[آل عمران: 64] اليهود والنصارى. {تَعَالَوۡاْ﴾
[آل عمران: 64] أي: هَلُمُّوا وأَقْبِلوا.
{كَلِمَةٖ
سَوَآءِۢ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ﴾
[آل عمران: 64] أي: كلمة ليس فيها جور على أحد، وإنما هي عدل وصواب.
هذه
الكلمة هي: {أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ
شَيۡٔٗا وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ﴾ [آل عمران: 64] هذه هي الكلمة.
{إِلَىٰ
كَلِمَةٖ سَوَآءِۢ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ﴾
[آل عمران: 64] بيننا معشر المسلمين، وبينكم معشر أهل الكتاب، لا جَوْر فيها على
أحد منا أو منكم.
وهي: {أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ﴾ [آل عمران: 64] لا نعبد المسيح أو عُزَيْرًا أو نعبد الأحبار والرهبان والأولياء والصالحين، كما أنتم عليه أنتم والقبوريون، بل لا نعبد إلا الله؛ لأن الله جل وعلا هو المستحق للعبادة دون ما سواه، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وقال تعالى: {وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾ [النساء: 36].