لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞۚ﴾
[آل عمران: 66]. أي: أنتم الآن أنكرتم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وهو موجود في
كتبكم، صفاته ودعوته، {يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ
يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ﴾ [الأعراف: 157]، ومع هذا أنكروا رسالة محمد صلى الله
عليه وسلم وجحدوها، مع أنها في كتابهم وعندهم علم بذلك، كما قال تعالى: {ٱلَّذِينَ
ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ
وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 146].
{فَلِمَ
تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞۚ﴾
[آل عمران: 66] أصلاً، وليس عندكم دليل ولا حجة عليه، وتقولون: نحن على دين
إبراهيم عليه السلام. مع أن إبراهيم عليه السلام متقدم بزمان طويل على ملة اليهود
وملة النصارى.
ثم
قال جل وعلا مبينًا للحكم الفاصل في هذه المسألة، ومبينًا
مَن هم أتباع إبراهيم عليه السلام على الحقيقة، ومَن هم الذين ليسوا على دين
إبراهيم عليه السلام، ثم فقال: {مَا كَانَ إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّٗا وَلَا نَصۡرَانِيّٗا
وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفٗا مُّسۡلِمٗا﴾
[آل عمران: 67]. ثم قال {وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ فكل هذه الطوائف الثلاث لا علاقة لها بإبراهيم عليه
السلام.
{وَلَٰكِن كَانَ
حَنِيفٗا﴾ [آل عمران: 67]، أي:
مُقْبِلاً على الله مُعْرِضًا عما سواه، لا دين له إلا ما شرع الله له. وهذا هو
الذي عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، {إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ
بِإِبۡرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْۗ﴾ [آل عمران: 68].
وصَلَّى الله وسَلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه.
***
الصفحة 7 / 327