جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ
أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ
ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ﴾ [آل عمران: 61].
ثم
إنه دعاهم إلى المناظرة، {قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ
سَوَآءِۢ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ
بِهِۦ شَيۡٔٗا وَلَا يَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ
فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُولُواْ ٱشۡهَدُواْ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ﴾ [آل عمران: 64]، فنحن لا نتبعكم، وأنتم لا تتبعوننا،
لكن الجميع يتبعون ما أنزل الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله ربنا جميعًا، ونحن عباده
نفعل ما يأمرنا به سبحانه وتعالى، فهذا موقف عادل.
{سَوَآءِۢ
بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ﴾،
لا ندعوكم أن تتبعونا بغير بصيرة، ولا نتبعكم، بل ندعوكم {إِلَىٰ
كَلِمَةٖ سَوَآءِۢ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ﴾
[آل عمران: 64].
ثم
إنهم احتجوا بحجة أخرى، زعموا أنهم على ملة إبراهيم عليه السلام. فاليهود
قالوا: اليهودية ملة إبراهيم عليه السلام. والنصارى قالوا: النصرانية
ملة إبراهيم عليه السلام. ورَدَّ الله تعالى عليهم بقوله: {يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ
لِمَ تُحَآجُّونَ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّوۡرَىٰةُ وَٱلۡإِنجِيلُ
إِلَّا مِنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ﴾
[آل عمران: 65]. فكيف تَدَّعون أنكم على ملة إبراهيم عليه السلام {وَمَآ
أُنزِلَتِ ٱلتَّوۡرَىٰةُ وَٱلۡإِنجِيلُ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِهِۦٓۚ﴾ ؟!
ثم إنه أبطل انتسابهم إلى إبراهيم عليه السلام، فقال سبحانه: {مَا كَانَ إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّٗا وَلَا نَصۡرَانِيّٗا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفٗا مُّسۡلِمٗا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٦٧ إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَٰهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۗ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٦٨﴾ [آل عمران: 67، 68]. وأنتم لم تتبعوا إبراهيم عليه السلام، {وَهَٰذَا ٱلنَّبِيُّ ۗ﴾ [آل عمران: 68] يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم، {وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ أي: المسلمون، هؤلاء هم الذين على ملة إبراهيم عليه السلام، وهم أَوْلى به، وأنتم لستم كذلك.