محمدًا
صلى الله عليه وسلم، واختار أمته، وجعلهم خير أمة أُخرجت للناس؛ لأنه يعلم
صلاحيتهم لذلك، ويعلم استحقاقهم لذلك، فهو يعطي عن علم ويمنع عن علم.
{يَخۡتَصُّ
بِرَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۗ﴾
[آل عمران: 74]، لا أحد يحجر على الله، ولا أحد يعترض عليه، {وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ
ٱلۡعَظِيمِ﴾ [آل عمران: 74] الذي لا حد
له.
ولما
بَيَّن حالتهم الدنيئة، وأنهم قوم معاندون وقوم حَسَدة، ولا يريدون أن يصل إلى أحد
شيء من فضل الله وهدايته، وإنما يكون ذلك مقصورًا عليهم فقط؛ بَيَّن حالتهم
الدنيوية، فقال: {وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ
بِقِنطَارٖ يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِينَارٖ لَّا
يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَيۡهِ قَآئِمٗاۗ﴾ [آل عمران: 75].
هذه
حالتهم الدنيوية الاقتصادية، وأنهم ليسوا سواء، منهم ناس أمناء، والله جل وعلا لا
يظلم أحدًا، ولا يعمم الحكم على الناس، وإنما يضع الأحكام في مواضعها، فقال:{وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ﴾
أي: اليهود {مَنۡ إِن
تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارٖ﴾
[آل عمران: 75] والقنطار: هو المال العظيم، {يُؤَدِّهِۦٓ
إِلَيۡكَ﴾ [آل عمران: 75] يؤدي
الأمانة، ويحفظ الأمانة، ولا يخون. هذا موجود في بعض أهل الكتب، ليسوا كلهم خونة،
كما قال الله جل وعلا: {لَيۡسُواْ سَوَآءٗۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ أُمَّةٞ
قَآئِمَةٞ يَتۡلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ وَهُمۡ يَسۡجُدُونَ﴾ [آل عمران: 113]. والله يذكر لذي الفضل فضله.
{يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيۡكَ﴾ [آل عمران: 75] يدفعه، متى ما طلبتَه منه أداه إليك بأمانة، ولو كان مالاً كثيرًا يبلغ القنطار أو القناطير. فإذا كان يؤتمن على القنطار، فإنه يؤتمن على ما دونه من باب أَوْلى.