ولهذا
قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمِعَ بِي يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ
لَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي جِئْتُ بِهِ إِلاَّ دَخَلَ النَّارَ» ([1])،
ولو كان يزعم أنه على دين موسى عليه السلام، أو على دين عيسى عليه السلام.
فإن
الدين الذي بقي إلى يوم القيامة هو دين محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن كل ملة
وشريعة لها وقت محدد تنتهي عنده {لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ﴾
[الرعد: 38] وقد انتهت الشرائع كلها ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بعثه
الله للناس كافة بشيرًا ونذيرًا، وأَمَر الخلق - الجن والإنس كلهم - باتباعه
وطاعته صلى الله عليه وسلم والإيمان به.
ليس
هناك طريق إلا هذا، فمَن أراد غير هذا الطريق، فإنه لا يُقبل منه في الدنيا وهو في
الآخرة من الخاسرين.
وهل
بعد هذا البيان بيان؟! هذا بيان واضح لا لبس فيه، وإعلان من الله جل وعلا أنه لا
دين إلا دين الإسلام الذي بَعَث به رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين
وإمام المرسلين، الذي أرسله الله إلى الناس كافة وأرسله رحمة للعالمين.
ثم
قال جل وعلا: {كَيۡفَ يَهۡدِي ٱللَّهُ قَوۡمٗا كَفَرُواْ بَعۡدَ
إِيمَٰنِهِمۡ﴾ [آل عمران: 86] هذا استفهام
إنكار ونفي، أي: لا يهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم.
قيل: المراد بذلك اليهود والنصارى؛ فإنهم آمنوا بالرسل، ولكن اليهود كفروا بعيسى عليه السلام، والنصارى غلَوا فيه وجعلوه إلهًا. تعالى الله عما يقولون. والجميع - اليهود والنصارى - كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، بعدما عَرَفوا أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الصفات التي ذكرها الله في التوراة والإنجيل تنطبق عليه، وهي: {ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (153).