الحِل، {هُوَ ٱلَّذِي
خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا﴾
[البقرة: 29] إلا ما دل الدليل على تحريمه. هذا هو الأصل في الأطعمة، قال تعالى: {وَيُحِلُّ
لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ﴾ [الأعراف: 157]. فكل الطيبات حلال، قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ
كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ﴾
[المؤمنون: 51]، {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن
طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ
تَعۡبُدُونَ﴾ [البقرة: 172]، فالله
وَسَّع على الخلق، ولم يضيق عليهم.
{إِلَّا مَا
حَرَّمَ إِسۡرَٰٓءِيلُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ﴾
[آل عمران: 93] إسرائيل هو يعقوب عليه السلام.
وكان
هذا {مِن قَبۡلِ أَن
تُنَزَّلَ ٱلتَّوۡرَىٰةُۚ﴾
[آل عمران: 93]؛ لأن التوراة إنما نزلت على موسى عليه السلام، وهو متأخِّر عن عهد
إسرائيل، فعهد التحريم عليهم متأخر.
وكل
الأطعمة كانت حلالاً لبني إسرائيل، إلا أن إسرائيل عليه السلام أصابه مرض واشتد
به، فتَرَك لحم الإبل وألبانها، وكانت أحب شيء إليه، لكنه نذر أن يتركها؛ تقربًا
إلى الله، كما سبق في قوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا
تُحِبُّونَۚ﴾ [آل عمران: 92]. فهو نذر أن
يترك شيئًا لله هو أحب الأشياء إليه.
فهذا
شيء عارض مستثنى من الحِل، واقتدى به بنوه وذريته، فصاروا لا يأكلون لحم الإبل،
ولا يشربون ألبان الإبل.
وهذا
{مِن قَبۡلِ أَن
تُنَزَّلَ ٱلتَّوۡرَىٰةُۚ﴾
[آل عمران: 93]؛ لأن التوراة إنما أُنْزِلت على موسى عليه السلام، وعهده متأخِّر
عن عهد إسرائيل بزمن طويل، فهم يُلبِّسون على الناس ويكذبون على الناس.
والله جل وعلا تولى الرد عليهم وتحداَّهم، فقال تعالى: {فَأۡتُواْ بِٱلتَّوۡرَىٰةِ