×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 وعلى سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتواصَوا بالحق وتواصَوا بالصبر، ودَعَوا إلى الله، وأمروا بالمعروف ونَهَوا عن المنكر، يوم القيامة تبيضُّ وجوههم.

ثم قال جل وعلا: {تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ [آل عمران: 108]. بيناته وحججه، قرآنه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

{نَتۡلُوهَا عَلَيۡكَ بِٱلۡحَقِّۗ [آل عمران: 108] نتلوها بواسطة جبريل عليه السلام، الذي نزل بالوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلاه عليه وقرأه عليه، فتَلَقَّاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن جبريل، وتَلَقَّاه جبريل عن رب العالمين.

{وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعَٰلَمِينَ [آل عمران: 108] الله سبحانه إنما يجزي الناس بأعمالهم، ولا يجزيهم على غير أعمالهم؛ لأنه لو جازاهم على غير أعمالهم صار ظالمًا، والله جل وعلا منزَّه عن الظلم.

ولذلك قال: {وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعَٰلَمِينَ. بل الله جل وعلا يريد الرحمة للعالمين، ويريد العدل، ويريد الخير للعالمين؛ لكن هم الذين يَحْرِمون أنفسهم ويُعْرِضون عن الحق وعن دعوة الله سبحانه وتعالى.

ثم قال: {وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ [آل عمران: 109]. كلهم مِلْكه وعبيده وخَلْقه، كلهم لله سبحانه وتعالى، مؤمنهم وكافرهم، ضالهم ومهتديهم، كِتابيُّهم وأُميُّهم، كلهم مِلْك لله سبحانه وتعالى، لا يَخرجون عن مِلْكه. وما داموا في مِلْكه فإن الله يتولى جزاءهم، المحسن يجازيه بإحسانه، والمسيء يجازيه بإساءته.

{وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ [آل عمران: 109] في يوم القيامة تُرَد كل الأمور إلى الله يَحكم بين الناس، يرجع إليه المؤمن ويرجع إليه الكافر، ويرجع إليه المنافق، ويرجع إليه كل إنسان، ولا يفلت أحد من لقاء الله سبحانه وتعالى، لا أحد يتخلف عن لقاء الله، كلهم يَلْقَون الله سبحانه وتعالى، المؤمنون والكافرون. وهذا وعيد شديد من الله سبحانه وتعالى.


الشرح