فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ
وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ
خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾
[النساء: 59]. والرد إلى الله هو الرد إلى القرآن، والرد إلى الرسول هو الرد إلى
السُّنة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
{مِنۢ بَعۡدِ
مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ﴾
[آل عمران: 105] فهم ما تفرقوا عن جهل، أو اختلفوا عن جهل، وإنما اختلفوا عن علم،
بعدما جاءهم البينات، جاءهم القرآن والسُّنة ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم. فلا
مبرر للاختلاف والتفرق، ولا مبرر للبقاء على الاختلاف والتفرق إذا حصلا، بل
يُحْسَم ذلك بالرجوع إلى كتاب الله وإلى سُنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
{وَأُوْلَٰٓئِكَ﴾ [آل عمران: 105] أي: الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما
جاءهم البينات، {لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾
[آل عمران: 105] عقوبة لهم، لا يعلم شدة هذا العذاب إلا الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم
عَصَوا الله على بصيرة وعلى علم بعدما جاءهم البينات، فكان الواجب عليهم أن يرجعوا
إلى البينات ليحسموا النزاع والخلاف بينهم، بالرجوع إلى كتاب الله وإلى سُنة رسوله
صلى الله عليه وسلم.
ثم
قال جل وعلا: {يَوۡمَ
تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ﴾ [آل
عمران: 106]. وهذا يوم القيامة، تَبْيَضُّ وجوه وتَسْوَدُّ وجوه، قال ابن عباس: «تَبْيَضُّ
وجوه أهل الاجتماع والائتلاف، وتَسْوَدُّ وجوه أهل الفرقة والاختلاف». نسأل الله
العافية.
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ
ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ﴾
[آل عمران: 106] فيقال لهم: {أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ
بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ﴾
[آل عمران: 106]. فالسبب أنهم كفروا بعد إيمانهم، وتركوا الكتاب والسُّنة ولَجُّوا
في طغيانهم، فيوم القيامة تَسْوَدُّ وجوههم، والعياذ بالله.
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبۡيَضَّتۡ وُجُوهُهُمۡ فَفِي رَحۡمَةِ ٱللَّهِۖ﴾ [آل عمران: 107] الذين ابيضت وجوههم هم أهل السُّنة والجماعة، الذين اجتمعوا على كتاب الله