{وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104] حَصَر الفلاح في الذين يَدْعُون إلى
الخير ويأمرون بالمعروف ويَنْهَون عن المنكر. فدل على أن الذي لا يدعو إلى الخير
ولا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر أنه ليس من أهل الفلاح، كما قال صلى الله
عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ
لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ
أَضْعَفُ الإِْيمَانِ» ([1])،
وفي رواية: «وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِْيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ» ([2]).
ثم
قال جل وعلا ناهيًا عباده: {وَلَا
تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ﴾ [آل عمران: 105] نهى سبحانه عن التفرق في القلوب
والأبدان.
من
الأمم السابقة، والتفرق والاختلاف آفتان من آفات المجتمع. والمسلمون أمة واحدة {إِنَّ هَٰذِهِۦٓ
أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ﴾
[الأنبياء: 92]، لا يجوز فيها التفرق والاختلاف، «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ
كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» ([3])،
«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ
كَمَثَل الْجَسَدِ الوَاحِد، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ
الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» ([4]).
هذه صفة المؤمنين، لا تَفَرُّق بينهم، ولا اختلاف بينهم، وإن وُجِد اختلاف فإنهم يرجعون إلى الكتاب والسُّنة فينحل الخلاف ويزول، قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ