وبين
الأُمِّيِّين من المشركين والكفار الذين لا كتاب لهم.
فأهل
الكتاب خاصة يجب عليهم ما لا يجب على غيرهم؛ لأنهم أهل علم وأهل معرفة، فإذا تركوا
علمهم ومعرفتهم فإن إثمهم وعقوبتهم تكون أشد؛ لأن مَن يَعْلَم ليس كمن لا يعلم.
ولما
بَيَّن الله سبحانه في الآيات السابقة صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبَيَّن
سبحانه وتعالى أن ذلك موجود عندهم في التوراة والإنجيل بأوصافه صلى الله عليه وسلم،
وذكر سيرته وأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وذَكَر سبحانه أن أول بيت وُضِع
للناس هو الكعبة المشرفة، أول بيت وضع لعبادة الله وحده هو هذا البيت، وهم يعلمون
ذلك ولكنهم يجحدونه، ويعلمون أن الله أوجب حج هذا البيت على العالمين جميعًا مَن
استطاع إليه سبيلاً؛ قال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآيات: {قُلۡ
يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ
عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ﴾
لأن مَن عَلِم الحق ولم يمتثله فقد كفر، فهو كافر وجاحد، وقد حَكَم عليهم بالكفر {لِمَ
تَكۡفُرُونَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ﴾
[آل عمران: 98] أي: بالأدلة الواضحة الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم،
التي عندكم في التوراة والإنجيل، {يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ﴾ [الأعراف: 157]، فكفروا بما معهم من الآيات من أجل
الحسد والعناد والكِبْر، والعياذ بالله.
{لِمَ
تَكۡفُرُونَ﴾ أيّ شيء حَمَلكم على الكفر؟! هل هو الجهل؟!
أنتم لستم جهالاً؛ تعرفونه كما تعرفون أبناءكم، هل هو الكِبْر والحسد؟ نعم، هو هذا،
إنما منعهم الكِبْر والحسد لهذه الأمة المحمدية.
{وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ﴾ [آل عمران: 98] فإن لَبَّستم على الناس وأخفيتم ما عندكم، فإن الله سبحانه وتعالى شهيد على ما تعملون، يشاهد أعمالكم