×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

وأقوالكم وتصرفاتكم، لا تَخْفَون عليه، وإن خفي أمركم على الناس ولبستم على الناس وقلتم: إن هذا ليس هو النبي الموعود في التوراة والإنجيل. فإن هذا التلبيس لا يخفى على الله سبحانه وتعالى {وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ وهذا معناه الوعيد الشديد لهم.

ثم قال جل وعلا: {قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ [آل عمران: 99] لأنهم كانوا يصرفون الناس عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، ويقولون: إنه ليس هو النبي الموعود الموجود ذِكره في التوراة والإنجيل.

فلم يكتفوا بكفرهم في أنفسهم وعنادهم، وإنما حَمَلوا غيرهم وصدوهم عن الحق، فتحملوا إثم أنفسهم وإثم غيرهم ممن صدوه على الحق وعن سبيل الله؛ لأنهم كانوا يَبثون الشبهات ضد الرسول صلى الله عليه وسلم، ويَبثون إنكار بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويجحدون نبوته، وينشرون هذا في الناس؛ فيغتر بذلك الجهال، ويغتر بذلك مَن لا علم عنده.

وكان الواجب عليهم العكس، بما أنهم علماء ويعرفون الحق، كان الواجب عليهم أن يَدْعُوا الناس إلى الحق بدل أن يصدوهم. الواجب عليهم أن يَدْعُوا الناس إلى اتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم يوقنون أنه هو الرسول وأنه هو الحق وأنه جاء بالبينات والبراهين والأدلة التي لا شك فيها. فكان الواجب عليهم أن يَدْعُوا إلى اتباعه والإيمان به عملاً بما أعطاهم الله من العلم! لكنهم على العكس، كفروا وحَمَلوا الناس على الكفر بما يُلبِّسونه من الباطل.

{لِمَ تَصُدُّونَ [آل عمران: 99] أيُّ شيء حَمَلكم على الصد عن سبيل الله والدعوة إلى الكفر والشرك والانصراف عن هذا الرسول الذي بعثه الله إلى الناس كافة بشيرًا ونذيرًا؟!


الشرح