نعم،
لو أنهم انتفعوا بهذه الأموال في طاعة الله واستغلوها في الجهاد في سبيل الله،
لأفادتهم عند الله. لكن لما استعانوا بها على الكفر وعلى معاداة الله ورسوله وعلى
الضرر بالمؤمنين، فإنها لن تغني عنهم يوم القيامة شيئًا.
{وَلَآ
أَوۡلَٰدُهُم﴾ [آل عمران: 116] ولن تغني
عنهم أولادهم مهما كثروا وصاروا أقوياء، فإنهم لن يغنوا عنهم ولن يدفعوا عنهم.
ولما
كان من العادة أن الإنسان في الدنيا إذا كان له أولاد وله أقارب وله عشيرة - أنهم
يدفعون عنه. لكن في الآخرة لن يدفع أحد عن أحد؛ {لَّا تَجۡزِي
نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡٔٗا﴾
[البقرة: 48].
{إِنَّ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ لَن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ
شَيۡٔٗاۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ﴾ [آل عمران: 116] هذا مصيرهم، فيتخلى عنهم الأولاد
والأقارب، ولا تنفعهم الأموال، ويكون مآلهم إلى النار.
ومعنى{أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ﴾ أي: مصاحبون لها ملازمون لها ملازمة الصاحب لصاحبه، لا
يخرجون منها ولا يتخلصون منها.
{هُمۡ فِيهَا
خَٰلِدُونَ﴾ [آل عمران: 116] باقون فيها
أبد الآباد، لا يطمعون في الخروج من النار. هذا في حق الكفار والمشركين. أما عصاة
الموحِّدين فهم وإن دخلوا النار بذنوبهم، فهم لا يُخلَّدون فيها كما صحت بذلك
الأحاديث، خلافًا للخوارج والمعتزلة.
ثم ضَرَب الله سبحانه وتعالى مثلاً لِما ينفقونه من الأموال، للصدِّ عن سبيل الله عز وجل، فقال: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ﴾ [الأنفال: 36]. أو ينفقونها من باب التقرب إلى الله بالصدقات