والإحسان، لكن ما داموا
على غير الإيمان فإنها لا تُقبل منهم؛ لأن الكفر يبطلها ويحرقها.
فمهما
عمل الكافر من الحسنات، فإن كفره يحرقها ولا يستفيد صاحبها منها شيئًا.
ولهذا
قال سبحانه: {مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا
كَمَثَلِ رِيحٖ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتۡ حَرۡثَ قَوۡمٖ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ
فَأَهۡلَكَتۡهُۚ﴾ [آل
عمران: 117].
هؤلاء
زرعوا وسَقَوا زرعهم، ونبت وأثمر وصلح شأنه أحسن ما يكون، ثم لما رجا صاحبه أخذه
واستثماره أرسل الله عليه ريحًا قوية، {فِيهَا صِرٌّ﴾
أي: برد شديد. وقيل: {فِيهَا صِرٌّ﴾أي:
فيها نار. فأتت على هذا الزرع المتكامل الذي ينتظر أصحابه أن يحصدوه ويستفيدوا
منه، أتت عليه هذه الريح وهذا الصر فأهلكته وهم يرجونه وينظرون إليه.
هذا
مَثَل عمل الكافر، مَثَل الزارع الذي زرع زرعًا وقام هذا الزرع وتكامل، ثم أرسل
الله عليه ريحًا فأهلكته. فعَمَل الكافر وحسناته يأتي عليها الكفر ويحرقها كما
تحرق الريح التي فيها الصِّرُّ الزرعَ.
وكما
قال جل وعلا في الآية الأخرى: {وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ
فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا﴾
[الفرقان: 23]، {مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ أَعۡمَٰلُهُمۡ
كَرَمَادٍ ٱشۡتَدَّتۡ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوۡمٍ عَاصِفٖۖ لَّا يَقۡدِرُونَ مِمَّا
كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيۡءٖۚ﴾
[إبراهيم: 18]، وكما قال: {وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَسَرَابِۢ
بِقِيعَةٖ يَحۡسَبُهُ ٱلظَّمَۡٔانُ مَآءً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَهُۥ لَمۡ
يَجِدۡهُ شَيۡٔٗا﴾ [النور:
39].
هكذا أعمال الكفار ضَرَب الله لها الأمثلة؛ لأن العمل لا ينفع إلا مع الإيمان؛ {ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ﴾ [البقرة: 25]، أما الأعمال مع الكفر فإنها لا تنفع، والكفر يُبطلها ويحرقها جميعًا.