{فَٱسۡتَغۡفَرُواْ
لِذُنُوبِهِمۡ﴾ [آل عمران: 135] الفاء
للتعقيب، يعني المبادرة.
ثم
قال جل وعلا: {وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ﴾ [آل عمران: 135]، أي: لا أحد يغفر الذنوب إلا الله
سبحانه وتعالى.
ثم
قال: {وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ﴾ [آل عمران: 135]، أي: لم يستمروا على المعاصي، بل
يبادرون فور ما تصدر منهم المعصية، يبادرون بالتوبة، وليس هناك أحد معصوم من
الذنوب إلا الأنبياء عليهم الصلاة السلام، قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ
خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» ([1]).
{وَهُمۡ
يَعۡلَمُونَ﴾ [آل عمران: 135] أن الله
يغفر الذنوب، ويعلمون أنه إذا لم يتب سيعاقب، يعلمون ذلك، فيجب عليهم المبادرة
بالتوبة وعدم الإصرار عليها.
ثم
ذَكَر سبحانه وتعالى جزاء هؤلاء المتصفين بهذه الصفات ليرغبنا فيها، فقال: {أُوْلَٰٓئِكَ
جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ﴾
[آل عمران: 136]، مَن تاب فجزاؤه أن الله يغفر له، مَن استغفر فإن الله يغفر له.
وفي الحديث القدسي أن الله جل وعلا يقول: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ
فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا،
فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ» ([2])،
هذا وعد من الله جل وعلا، والله لا يخلف وعده.
{قُل
لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ﴾ [الأنفال: 38].
جميع الذنوب - الكفر والشرك والزنا والسرقة وشرب الخمر وأكل الربا والصغائر - إذا تبت إلى الله توبة صحيحة؛ محاها الله كلها عنك.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2499)، وابن ماجه رقم (4251).