×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

{فَٱسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ [آل عمران: 135] الفاء للتعقيب، يعني المبادرة.

ثم قال جل وعلا: {وَمَن يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ [آل عمران: 135]، أي: لا أحد يغفر الذنوب إلا الله سبحانه وتعالى.

ثم قال: {وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ [آل عمران: 135]، أي: لم يستمروا على المعاصي، بل يبادرون فور ما تصدر منهم المعصية، يبادرون بالتوبة، وليس هناك أحد معصوم من الذنوب إلا الأنبياء عليهم الصلاة السلام، قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» ([1]).

{وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ [آل عمران: 135] أن الله يغفر الذنوب، ويعلمون أنه إذا لم يتب سيعاقب، يعلمون ذلك، فيجب عليهم المبادرة بالتوبة وعدم الإصرار عليها.

ثم ذَكَر سبحانه وتعالى جزاء هؤلاء المتصفين بهذه الصفات ليرغبنا فيها، فقال: {أُوْلَٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ [آل عمران: 136]، مَن تاب فجزاؤه أن الله يغفر له، مَن استغفر فإن الله يغفر له. وفي الحديث القدسي أن الله جل وعلا يقول: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ» ([2])، هذا وعد من الله جل وعلا، والله لا يخلف وعده.

{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ [الأنفال: 38].

جميع الذنوب - الكفر والشرك والزنا والسرقة وشرب الخمر وأكل الربا والصغائر - إذا تبت إلى الله توبة صحيحة؛ محاها الله كلها عنك.


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2499)، وابن ماجه رقم (4251).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2577).