وما
حصل للمؤمنين من الثبات والتوكل على الله سبحانه وتعالى، وماذا تكون العاقبة عند
الله سبحانه وتعالى للفريقين؟
وقد
تقدم الكلام في أول الآية إلى قوله تعالى: {وَطَآئِفَةٞ
قَدۡ أَهَمَّتۡهُمۡ أَنفُسُهُمۡ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ ظَنَّ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِۖ﴾ [آل عمران: 154]، ونكمل الكلام على بقيتها.
{يَقُولُونَ هَل
لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ مِن شَيۡءٖۗ﴾
[آل عمران: 154] يلومون الرسول صلى الله عليه وسلم في أنه أخرجهم إلى أُحُد، وأنه
لاقى بهم العدو الذي ليس لهم به طاقة؛ ولذلك حصل لهم ما حصل! ولو أنه أخذ برأينا
في البقاء في المدينة والقتال من داخلها، لكان هذا هو الرأي السديد!
وليس
هذا تسليمًا منهم للقضاء والقدر، وإنما هو اعتراض على القدر وعلى الرسول، يظنون
أنه لا قدر، وأن الأمر لو كان بأيديهم ما وقعوا في هذه الشدة.
ولا
يؤمنون أن هذا بقضاء الله وقدره، بل يرجعونه إلى أنهم ليس لهم من الأمر شيء، ولو
كان لهم من الأمر شيء، لكان الحال غير هذا، ولم يحصل لنا ما حصل من القتل، فلو
أطاعنا ما قتلنا هاهنا، فهم يرجعون القتل الذي حصل للمسلمين إلى أنه ليس لهم من
الأمر شيء، ولا يقولون: إن الأمر لله. لكن لما لم يكن لنا من الأمر شيء قُتِلنا
وحصل ما حصل.
فرَدَّ الله تعالى عليهم بقوله: {قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِي بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ﴾ [آل عمران: 154] أي: لا تَقدرون أن تدفعوا عن أنفسكم، فمَن قُدِّر عليه الموت في مكان أو القتل في مكان، فإنه يخرج من بيته ومن مأمنه ويذهب إلى مصرعه؛ لأنه يساق ويقاد إليه، لا حيلة له في ذلك.