×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

{وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ [آل عمران: 159] أي: الأمر المهم. أما الأمر الذي لا يصل إلى حد الأهمية، فليس هو محل مشورة، إنما المشورة في الأمور الغامضة المبهمة المهمة.

{فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ [آل عمران: 159]، إذا عزمت على شيء بعد المشورة، فتوكل على الله. لا تعتمد على المشورة وحدها، بل توكل على الله، فاجمع بين المشورة والتوكل على الله جل وعلا.

{إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159] فالله جل وعلا من صفاته أنه يُحِب ويُبغِض، ويَسخط ويَكره، على ما يليق بجلاله.

ثم قال جل وعلا: {إِن يَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ [آل عمران: 160].

لما أَمَر بالتوكل عليه، بَيَّن أن النصر من عنده، وأن مَن نصره الله فلا غالب له {إِن يَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ.

{وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ [آل عمران: 160]، ولم ينصركم. {فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ [آل عمران: 160] إذا لم ينصرك الله، فلن ينصرك أحد أبدًا.

{وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ [آل عمران: 160] قَدَّم المعمول على العامل للحصر، {وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ أي: لا على غيره فتوكلوا. وهذا مثل: {إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ [الفاتحة: 5]، أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك. وهنا قال: {وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ [آل عمران: 160] أي: لا على غيره.


الشرح