{وَشَاوِرۡهُمۡ
فِي ٱلۡأَمۡرِۖ﴾ [آل عمران: 159] أي: الأمر
المهم. أما الأمر الذي لا يصل إلى حد الأهمية، فليس هو محل مشورة، إنما المشورة في
الأمور الغامضة المبهمة المهمة.
{فَإِذَا
عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ﴾
[آل عمران: 159]، إذا عزمت على شيء بعد المشورة، فتوكل على الله. لا تعتمد على
المشورة وحدها، بل توكل على الله، فاجمع بين المشورة والتوكل على الله جل وعلا.
{إِنَّ ٱللَّهَ
يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ﴾
[آل عمران: 159] فالله جل وعلا من صفاته أنه يُحِب ويُبغِض، ويَسخط ويَكره، على ما
يليق بجلاله.
ثم
قال جل وعلا: {إِن يَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ
فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [آل عمران: 160].
لما
أَمَر بالتوكل عليه، بَيَّن أن النصر من عنده، وأن مَن نصره الله فلا غالب له {إِن
يَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ﴾.
{وَإِن
يَخۡذُلۡكُمۡ﴾ [آل عمران: 160]، ولم
ينصركم. {فَمَن ذَا ٱلَّذِي
يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ﴾
[آل عمران: 160] إذا لم ينصرك الله، فلن ينصرك أحد أبدًا.
{وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [آل عمران: 160] قَدَّم المعمول على العامل للحصر، {وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ أي: لا على غيره فتوكلوا. وهذا مثل: {إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5]، أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك. وهنا قال: {وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [آل عمران: 160] أي: لا على غيره.