فهذا
دليل: على أن المؤمن يلين مع إخوانه المسلمين، ولا يغلظ
عليهم.
{وَلَوۡ كُنتَ
فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ﴾
[آل عمران: 159]، الفظاظة في القول، والغلظة في القلب. لو كنت كذلك {لَٱنفَضُّواْ﴾ [آل عمران: 159]، أي: تفرقوا {مِنۡ حَوۡلِكَۖ﴾ [آل عمران: 159]، فالذي جمعهم على الرسول صلى الله عليه
وسلم هو صفاته الحميدة وتعامله الطيب.
وكذلك
يجب على كل مسلم وكل داعية أن يتخلق بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يتألف
الناس، ويرغبهم في الخير ولا ينفِّرهم، قال صلى الله عليه وسلم: «يَسِّرُوا
وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا، وَلاَ تُنَفِّرُوا» ([1]).
{فَٱعۡفُ
عَنۡهُمۡ﴾ [آل عمران: 159]، إذا حصل
منهم خطأ أو زلة. فمن صفته صلى الله عليه وسلم أنه يعفو عمن أخطأ وعمن أساء، حتى
في حقه صلى الله عليه وسلم، فإن الرسول لا ينتقم لنفسه أبدًا، وإنما يعفو ويصفح،
وإنما ينتقم لله عز وجل إذا انتُهكت حرماته.
{وَٱسۡتَغۡفِرۡ
لَهُمۡ﴾ [آل عمران: 159] أي: مع
العفو لهم، اطلب لهم المغفرة عما حصل منهم.
{وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ﴾ [آل عمران: 159] كل هذا تأليف للمسلمين، فإذا حصل أمر مشكل من غزو أو غيره أو صلح، أو غير ذلك من الأمور المهمة؛ فشاور أصحابك؛ لأنهم ربما يُدْلُون بآراء صائبة ومفيدة، فالمشورة فيها خير، قال الله جل وعلا في وصف المؤمنين: {وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ﴾ [الشورى: 38]، يتشاورون في الأمور.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (69) ومسلم رقم (1734).