وسبب
نزول الآية: أنه في غزوة من الغزوات مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم، لما جمعوا الغنائم؛ فقدوا قطيفة حمراء كانت من جملة المغانم، فقالوا:
لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم له أن
يأخذ ما يشاء. فهم ظنوه أنه أخذها لأنه يجوز له ذلك. وما كانوا يتهمون الرسول صلى
الله عليه وسلم بأنه يأخذ شيئًا لا يحل له، وإنما ظنوا أن هذا يسوغ للرسول صلى
الله عليه وسلم. فالله سبحانه وتعالى نفى عن نبيه صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لأنه لو
أخذها لكان ذلك من الغلول المحرم، والغلول كبيرة من كبائر الذنوب، وهذا لا يليق
بمقام الرسول صلى الله عليه وسلم.
فنفى
الله عن نبيه صلى الله عليه وسلم الغلول، ونَزَّه نبيه صلى الله عليه وسلم عنه؛
لأنه لا يليق بأي نبي من الأنبياء أن يفعل ذلك، فكيف بأفضل الأنبياء خاتم المرسلين
محمد صلى الله عليه وسلم ؟! وكيف ينهى عن الغلول ثم هو يقع فيه؟! هذا لا يليق
بمقامه صلى الله عليه وسلم.
ثم
قال جل وعلا مبينًا عقوبة الغالّ: {وَمَن يَغۡلُلۡ
يَأۡتِ بِمَا غَلَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ﴾
[آل عمران: 161]، مَن يأخذ من الغنيمة شيئًا ويخفيه قبل أن تُقَسَّم على ما شرعه
الله سبحانه وتعالى، مَن يفعل ذلك فإن جزاءه أن يفضحه الله يوم القيامة بين
الخلائق، فيأتي بما أخذه في الدنيا من الغنيمة، أو ما أخذه من بيت المال بدون حق،
يأتي به يوم القيامة يحمله على رقبته، سواء كان قليلاً أو كثيرًا.
فمَن يأخذ البعير يأتِ به يوم القيامة يحمله على رقبته، له رُغَاء. ومن يأخذ البقرة يأتِ يوم القيامة يحملها على رقبته لها خُوَار، ومن يأخذ الشاة يأتِ بها يوم القيامة على رقبته يحملها، لها يُعَار، ومَن يأخذ من الأموال الصامتة كالدراهم والفُرُش، والملابس والسلاح يأتِ به يوم القيامة يحمله. وإن أخفاه في الدنيا، فإنه يَظهر يوم القيامة علانية وفضيحة وخزيًا.