{ثُمَّ
تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ﴾
[آل عمران: 161] لا أحد يَسْلَم من الجزاء يوم القيامة، ذَكَرًا كان أو أنثى،
حُرًّا كان أو عبدًا، غنيًّا كان أو فقيرًا، مَلِكًا كان أو صعلوكًا، موظفًا كان
أو غير ذلك. يوفى يوم القيامة جزاء ما أخذه بالعذاب - والعياذ بالله -، فلا أحد
يفلت من الجزاء يوم القيامة.
{وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ﴾ [آل عمران: 161] فلا يؤخذ من حسنات المحسن، ولا يعاقب
المسيء على شيء لم يفعله، كُلٌّ يجازى بعمله.
هذا
جزاء الغالِّ يوم القيامة، أما في الدنيا فإن الغال مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب،
فإذا مات، لا يُصلِّي عليه ولي الأمر، ولا يُصلِّي عليه أهل الفضل، وإنما يُصلِّي
عليه عامة الناس، وكذلك يُحْرَق رَحله تنكيلاً به. هذا جزاؤه في الدنيا. فدلَّ على
أن الغلول كبيرة من كبائر الذنوب.
والعامل
على الزكاة الذي يرسله الإمام ليقبض الزكاة من الناس ويجبيها؛ لا يأخذ شيئًا لنفسه
غير ما يفرض له ولي الأمر، فلا يأخذ من الناس شيئًا، هدايا أو ما أشبه ذلك.
فقد
بَعَث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة رجلاً يقال له: ابن اللُّتْبِيَّة،
فذهب، فجمع الزكوات، وجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: هذا لكم، وهذا
أُهْدِي إليَّ!! فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خطب وقال: «أَيُّهَا
النَّاسُ، مَا بَالُنَا نَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى مَا وَلاَّنَا
إِيَّاهُ، ثُمَّ يَأْتِي وَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ!
أَفَلاَ جَلَسَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ، فَيُنْظَرُ هَلْ يُهْدَى إِلَيْهِ ؟!» ([1]).
ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن مَن أخذ شيئًا من المال من الغنيمة، أو من المال العام، أو من الزكاة، أو من الناس هدايا؛ أخبر أنه يأتي به يوم القيامة
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2597)، ومسلم رقم (1832).