×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

{بَلۡ أَحۡيَآءٌ [آ ل عمران: 169] حياة برزخية، وهم ماتوا بالقتل، ودُفِنوا وقُسِّمت أموالهم، وتزوجت نساؤهم، فهم من ناحية الدنيا ماتوا. لكن من ناحية الآخرة هم أحياء حياة برزخية. وجاء في الحديث أن أرواحهم تكون في أجواف طير خُضْْر تسرح في أنهار الجنة، تأكل من ثمارها، ثم تأوي إلى قناديل معلقة، قناديل من ذهب معلقة تحت العرش. هذه حياتهم في البرزخ.

وهذا فيه دليل على نعيم القبر أو عذابه، فالقبر إما أن يكون روضة من رياض الجنة، وإما أن يكون حفرة من حفر النار. هذا فيه إثبات نعيم القبر. كما أنه يدل بمفهومه على أن غير الشهداء لا يكون في قبره في نعيم الشهداء.

وحصل لهم كرامات عظيمة:

أولاً: {عِندَ رَبِّهِمۡ [آل عمران: 169]، مكانتهم عالية عند ربهم، وليسوا كغيرهم، فإذا قال الله: «عنده» أو «عند الله» فهذا دليل على علو المكانة فهي عندية خاصة.

ثانيًا: {يُرۡزَقُونَ [آل عمران: 169]، وهذه مَكْرُمة ثانية!! أنهم يأكلون من ثمار الجنة ونعيمها، ويسرحون في أنهارها إلى أن تقوم الساعة. وهم على هذا النمط من العيش العظيم الكريم، فهم في نعيم.

ثالثًا: {فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ [آل عمران: 170]، فهم ما حَزِنوا على الدنيا وما فيها، وإنما صاروا فرحين بما صاروا إليه.

رابعًا: {وَيَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمۡ يَلۡحَقُواْ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ [آل عمران: 170]، يستبشرون بإخوانهم إذا قَدِموا عليهم، ويفرحون بهم ويتلقونهم.

{أَلَّا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ [آل عمران: 170] مما هم قادمون عليه؛ لأنهم قادمون على رب رحيم وعلى نعيم.


الشرح