×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

{وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ [آل عمران: 170] على ما فاتهم من الدنيا؛ لأنهم وجدوا عند الله خيرًا منه.

فلا خوف عليهم في المستقبل، ولا هم يحزنون على ما مضى ولا على ما تركوا من الأموال والأولاد والزوجات.

{يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ [آل عمران: 171]، يستبشرون دائمًا وأبدًا بنعمته، وتتجدد عليهم النعمة.

{وَفَضۡلٖ فضل منه سبحانه؛ زيادة على أعمالهم، يَزيدهم ويتفضل عليهم سبحانه بالإكرام والإنعام، لا ينقضي إكرامهم، ولا ينقضي نعيمهم، بل هو يزداد فضلاً من الله سبحانه وتعالى.

{وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ [آل عمران: 171] ويستبشرون بأن ما عملوه في الدنيا فإن الله لا يضيعه، بل ينمِّيه لهم ويحفظه لهم ويضاعفه لهم. فهذه بشائر عظيمة. وأين هذا من قول المنافقين: «لو أطاعونا ما قُتِلوا» ويظنون أن قتلهم عقوبة لهم، وأنه حرمان لهم! فالله جل وعلا بَيَّن مآلهم الذي صاروا إليه، وأنهم لا يحزنون على ما فاتهم، ولا ما أصابهم، بل يتنَّعمون بذلك.

وقد جاء في الحديث أن الشهيد يوم القيامة يتمنى أن يرجع إلى الدنيا، ثم يُقْتَل مرة ثانية في سبيل الله، ثم يُقْتَل، ثم يُقْتَل؛ لِما يرى من الثواب العظيم الذي يؤتيه الله للشهيد.

ثم ذَكَر جل وعلا ما حصل من المؤمنين الذين لم يُقْتَلوا، فقال: {ٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ [آل عمران: 172]. وذلك أنه بعد المعركة وبعدما ركب المشركون إلى مكة راجعين، دفنوا شهداءهم، ورجعوا إلى المدينة ومعهم الجرحى، ولما دخلوا بيوتهم جاءهم خبر


الشرح