×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

 {وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَٰلِكَ [آل عمران: 186]، أي: الصبر والتقوى عند المصائب وعند أذى الأعداء {مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ [آل عمران: 186]، من الأمور العظيمة التي تحتاج إلى عزم وإلى قوة وإلى ثبات.

ثم إن الله سبحانه وتعالى عاتب أهل الكتاب الذين يؤذون محمدًا صلى الله عليه وسلم وأتباعه، وهم يعلمون أن محمدًا رسول الله حقًّا، بما يجدونه في التوراة والإنجيل من صفاته وثبوت رسالته عليه الصلاة والسلام، عاتبهم الله فقال لهم: لماذا تكتمون ما عندكم مما تعلمونه من شأن هذه الأمة المحمدية؟!

{وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ [آل عمران: 187] وهم اليهود والنصارى، أخذ الله عليهم الميثاق، أي: العهد.

{لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ [آل عمران: 187]، لأنه للناس، وليس لكم خاصة.

{وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ [آل عمران: 187]، تُخْفُون ما فيه وتجحدونه. بل الله جل وعلا ائتمنكم على ذلك، فأدُّوا هذه الأمانة، وبَيِّنوا للناس ما أَنزل الله إليكم في هذا الكتاب من حقيقة هذا الرسول وأمته.

لأن الله أنزل الكتاب لهداية الناس، فمَن تَحَمَّله وجب عليه أن يُبَلِّغه وأن يبينه للناس. وليس المقصود أن يحفظ الكتاب أو يعلم ما فيه، ليس هذا هو المقصود، وإنما هذا وسيلة إلى المقصود، الذي هو البيان للناس وهداية الناس إلى الطريق المستقيم.

وهذا ميثاق أخذه الله على جميع العلماء من أهل الكتاب ومن غيرهم من هذه الأمة، على العلماء أن يبينوا للناس، ولا يتركوا الناس على الضلال والخطأ والجهل، والله جل وعلا قال: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَيَّنَّٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلۡكِتَٰبِ [البقرة: 159] الآيات، فالله بَيَّن كل شيء في الكتاب، لكن يحتاج إلى مَن يُبَلِّغه للناس.



الشرح