×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

قال تعالى: {وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ [آل عمران: 81] إذ: ظرف لما مضى من الزمان، أي: اذكر إذ أَخَذ الله، {مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ [آل عمران: 81] والميثاق: هو العهد. فالله سبحانه أَخَذ العهد على النبيين جميعًا، أنه إن بُعِث محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وأحد منهم حي؛ أن يتبعه.

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «وَاللهِ لَوْ كَانَ أَخِي مُوسَى حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلاَّ اتِّبَاعِي» ([1]).

لذلك إذا نزل المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان، وقَتَل المسيح الدجال، فإنه يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ويضع الجزية ويقتل الخِنزير، فلا يبقى دين بعد نزول المسيح إلا دين الإسلام والذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

فيكون المسيح عليه السلام إذا نزل تابعًا لمحمد صلى الله عليه وسلم؛ وفاءً بهذا العهد الذي أخذه الله على الأنبياء.

{لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ [آل عمران: 81] والكتاب: هو جميع الكتب الإلهية؛ كالتوراة والإنجيل والزَّبور... وغيرها من كتب الأنبياء. والحكمة: هي الفقه والفَهْم في دين الله عز وجل.

{ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ [آل عمران: 81] وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه هو نبي الوقت من حين بعثته إلى قيام الساعة، هو نبي هذه الفترة كلها، فلا يكون هناك أنبياء بعد بعثته صلى الله عليه وسلم، لا معه في حياته ولا بعد موته.

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي» ([2]).


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (15156)، وابن أبي شيبة رقم (26421)، والبيهقي في الشعب رقم (174).

([2])  أخرجه: أحمد رقم (22395)، وأبو داود رقم (4252)، والترمذي رقم (2219).