والنبي
الصادق لا يخرج عما عليه الأنبياء من الدعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى،
وعبادته وحده لا شريك له، هذا دينهم عليهم الصلاة والسلام، دين الإسلام الذي هو
دين التوحيد؛ لأن الإسلام معناه التوحيد.
{لَتُؤۡمِنُنَّ
بِهِۦ﴾ [آل عمران: 81] هذا جواب
قوله تعالى: {لَمَآ
ءَاتَيۡتُكُم﴾ [آل عمران: 81].
لتُصَدِّقُنَّ به. لأن الإيمان في اللغة: هو التصديق، «آمنتُ له» أي:
صَدَّقْتُه، والإيمان بالرسل تصديقهم عليهم الصلاة والسلام. أما الإيمان بالله
عز وجل فهو كما قرر العلماء: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، يَزيد
بالطاعة وينقص بالمعصية.
{وَلَتَنصُرُنَّهُۥ﴾ [آل عمران: 81] فمتى بُعِث محمد صلى الله عليه وسلم،
ونبيٌّ حيٌّ من الأنبياء؛ وجب عليه أمران: الأمر الأول: الإيمان به رسولاً
من عند الله. والأمر الثاني: نصرته عليه الصلاة والسلام.
وهذا يلزم أمم الأنبياء، فيلزمهم ما لزم أنبياءهم، فمَن خالف فليس بمؤمن بنبيه الذي يزعم أنه مؤمن به، فمَن كَفَر بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر بموسى عليه السلام، وكافر بعيسى عليه السلام، وكافر بجميع الأنبياء؛ لأن مَن كفر بنبي واحد فهو كافر بجميع الأنبياء، حتى النبي الذي يزعم أنه مؤمن به ومتبع له؛ لأن الأنبياء كلهم بَشَّروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو موجود ذكره ووصفه في التوراة والإنجيل؛ {يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ﴾ [الأعراف: 157] هذا وصفه صلى الله عليه وسلم في التوراة التي جاء بها موسى عليه السلام، والإنجيل الذي جاء به عيسى عليه السلام.