فأسماءُ اللهِ كثيرةٌ، وهي تدُلُّ عَلَى كَمالِه وعظَمَتِه سبحانه وتعالى
لا تدلُّ عَلَى تعدُّدِ الآلهةِ - كما يقولون - بل تدلُّ عَلَى العظمَةِ، وعَلَى
الكمالِ.
أما الذَّاتُ المُجرَّدةُ الَّتي ليس لها صِفاتٌ فهذِه لا وجودَ لها،
مُستحِيلٌ يُوجدُ شيءٌ وليسَ له صِفاتٌ أبدًا، ولو عَلَى الأقلِّ صِفَةُ الوجودِ.
ومِن شُبَهِهِم: «أنَّ إِثباتَ الصِّفاتِ يقتَضِي التَّشبِيهَ؛ لأنَّ هذِه
الصِّفاتِ يُوجد مثْلُها فِي المخلوقين».
وهذا قولٌ باطلٌ؛ لأنَّ صفاتِ الخالقِ تَلِيقُ به، وصفات المخلوقينَ تَليقُ
بهم، فلا تَشابُه.
و«الجهمِيَّة» جمَعُوا إلى ضلالِهم في الأسماءِ والصفاتِ الجَبْرَ في
القَدَرِ؛ لأنَّ «الجهميَّةَ» يقولونَ: «إِنَّ العبدَ ليسَ له مَشيئةٌ، وليسَ له
اختيارٌ، وإنَّما هو مُجْبَرٌ عَلَى أفعالِهِ».
ومعنى هذا: أنَّهُ إذا عُذِّبَ عَلَى المعصيةِ يكونُ مَظلُومًا؛ لأنَّها
ليستْ فِعْلَهُ، وإنَّما هو مُجبرٌ عليها - كما يقولونَ - تعالى اللهُ عنْ ذلك.
فهم جمَعُوا بينَ «الجَبْرِ والقَدَرِ»، وبينَ «التَّجهُّم في الأسماءِ
والصِّفات»، وجمَعُوا إلى ذلِكَ «القول بالإرجاء»، وأضافُوا إلى ذلك «القَول
بخَلْقِ القرآن» {ظُلُمَٰتُۢ
بَعۡضُهَا فَوۡقَ بَعۡضٍ} [النور: 40].
قال ابنُ القيّمِ:
جِيمٌ وَجِيمٌ
ثُمَّ جِيمٌ مَعْهُما |
|
مَقْرُونَةٌ
مَعَ أَحْرُفٍ بِوِزانِ |
جَبْرٌ
وَإرْجاءٌ وَجِيمُ تَجَهُّمٍ |
|
فَتَأَمَّلِ
المَجْمُوعَ فِي المِيزانِ |
فاحكُمْ
بِطالِعِها لِمَنْ حَصُلَتْ لَهُ |
|
بِخَلاَصِةِ
مِنْ رِبْقَةِ الإِيمَانِ ([1]) |
([1])نونية ابن القيم (ص: 115).