يعنِي: جمَعُوا بينَ «جَبْرٍ» «وتَجهُّمٍ» «وَإِرجاءٍ»، ثلاثُ جِيماتٍ،
والجيمُ الرَّابعةُ جِيمُ جَهنَّمَ.
والحاصِلُ: أنَّ هذا «مَذهب الجهميَّة»، والذي اشتَهَرَ فيه نَفْيُ
الأسماءِ والصِّفاتِ عَن اللهِ سبحانه وتعالى انشقَّ عنهُ «مذهبُ المُعتزِلة»،
«ومذهبُ الأشاعِرة»، «ومذهب الماتريديَّة».
و«مذهب المعتزلة»: أنَّهُم أثبتُوا الأسماءَ، ونَفُوا الصِّفاتِ، لكنْ
أَثبتُوا أسماءً مُجرَّدةً، مُجَرَّد ألفاظ لا تدُلُّ عَلَى معانٍ ولا صفاتٍ.
سُمُّوا «بالمعتزلةِ»: لأَِنَّ إمامَهم «واصل بن عطاء» كانَ مِن تلاميذِ
الحَسنِ البصْرِيِّ رحمه الله الإمامِ التابعيِّ الجليلِ، فلما سُئِلَ الحَسنُ
البصريُّ عَن مُرتكِبِ الكبيرةِ، ما حُكْمُهُ؟. فقال بقولِ أهلِ السُّنَّةِ
والجماعةِ: «إِنَّهُ مُؤمِنٌ ناقِصُ الإيمانِ، مُؤمِنٌ بإيمانِه فاسِقٌ
بِكَبِيرَتِهِ».
فلم يَرْضَ «واصل بن عطاء» بهذا الجوابِ مِن شيخِه؛ فاعتزلَ، وقال: «لا. أنا
أَرَى أنَّهُ ليسَ بِمُؤمنٍ ولا كافِرٍ، وأنَّهُ في المنزلةِ بينَ المَنزلتينِ».
وانشقَّ عن شيخِهِ - الحَسَن - وصارَ في ناحيةِ المسجدِ، واجتمعَ عليه قومٌ مِن
أوباشِ النَّاسِ، وأخذُوا بقولِه.
وهكذا دُعاةُ الضَّلالِ في كُلِّ وقتٍ، لا بُدَّ أن ينحازَ إليهم كثيرٌ
مِنَ النَّاسِ، هذه حِكمَةٌ مِنَ اللهِ.
تركُوا مجلسَ الحَسَنِ، شيخِ أهْلِ السُّنَّةِ، الذي مَجلِسُه مَجلِسُ
الخيرِ ومجْلسُ العِلْمِ، وانحازُوا إلى مجلسِ «المُعتزليِّ: واصلِ بنِ عطاءٍ»
الضالِّ المُضِلِّ.
ولهم أَشْباهٌ في زمانِنا، يَترُكونَ عُلماءَ أهْلِ السُّنَّةِ والجماعةِ،
وَينحازونَ إلى أصحابِ الفِكْرِ المُنحرِف.