×

 وبهذا يَتقالُّونَ هذا العددَ. كيفَ أَنَّ هذه النَّارَ العظيمةَ الَّتِي بها كُلُّ هذه الخلائقِ لا تَقُومُ عليها إِلاَّ تسعةَ عَشَرَ.

قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلۡنَا عِدَّتَهُمۡ إِلَّا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ[المدثر: 31] فما يَعلَمُ عَظَمةَ المَلائِكَةِ وما يَعلمُ ما عِندَ اللهِ مِن جُنودِ السَّماواتِ والأَرْضِ إِلاَّ اللهُ، لا يَعلَمُهُم هؤلاءِ الكُفَّارُ ولا غَيرُهُم.

ثانيًا: والمَلائِكَة خِلقَتُهُم عَظِيمَةٌ:

فقدْ ذكرَ اللهُ تعالى ذلكَ في قولهِ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ جَاعِلِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلًا أُوْلِيٓ أَجۡنِحَةٖ مَّثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۚ[فاطر: 1]. يَعنِي: مِنهم مَن له جَناحانِ، ومَنْ لَهُ ثَلاثةُ أو أربعَةُ أجنحَةٍ، ومِنهم مَن لَهُ أكْثَرُ مِن ذلِكَ، فقد رأى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جبريلَ، ولَهُ سِتُّمِائَةِ جَناحٍ، كُلُّ جَناحٍ منها سدَّ الأُفُقَ، هذا مَلَكٌ واحدٌ مِن المَلائِكَة، وصفَهُ اللهُ بأنَّهُ شديدُ القُوَى، فقالَ تَعالَى: ﴿عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ[النجم: 5]. يَعنِي: جِبريل عليه السلام، وقوله تعالى: ﴿ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ[النجم: 6] يعني: ذو قُوَّةٍ وهَيئةٍ حَسنَةٍ.

ثالثًا: والمَلائِكَة لهم قُوَّةٌ عظِيمةٌ بإذنِ اللهِ

وَمِنْ دَلائِلِ عَظمَتِهِم: أنَّ الواحِدَ مِنهُم إذا أمَره اللهُ، فإنَّهُ يَصِيحُ في العالم، فَيهلِكُ الخَلْقُ. كما حَدثَ مَع قَوْمِ ثَمُودَ؛ حيثُ أَخَذتْهُم الصَّيحَةُ، صاحَ بِهم جبريلُ صيحةً واحدةً ﴿إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلۡمُحۡتَظِرِ[القمر: 31]. فَقطَّعَتْ قُلوبَهُم في أَجوافهِم؛ فَماتُوا، وصارُوا كَهَشِيمِ المُحتَظِر.

مِن عادةِ العربِ إِذا نَزلُوا في مَنزلٍ يَجمَعُونَ الحطبَ، وَيَجعلُونَ حَظائِرَ لأغْنامِهِم وَمَواشِيهِم، فَهذِه الحظائِرُ تَيْبَسُ، وتُصبِحُ هَشِيمًا،


الشرح