أَوْجُهُ الاختِلافِ بينَ
عَمَلِ المَلائِكَةِ
وعَمَلِ الشَّياطِينِ
****
الوجه الأوَّل: المَلائِكَةُ يُسبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِم،
ويَستغفِرُونَ لِمَنْ في الأرضِ، فهي أَنْصَحِ الخلقِ لِبَنِي آدَمَ، والشَّيطانُ
أغَشُّ لِبَنِي آدمَ؛ لأنَّ الشَّيطانَ تَعهَّدَ بإضلالِ بَنِي آدَمَ، وإِغوائِهِم
وإِهلاكِهم ما استطاعَ إلى ذلك سبيلاً.
قالَ عز وجل: ﴿إِنَّا جَعَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ
أَوۡلِيَآءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ﴾[الأعراف: 27].
الوَجه الثاني: والمَلائِكَة تأمرُ العبادَ بالخيْرِ، والشَّياطينُ
تَحُثُّهُم عَلَى الشَّرِّ، وتأمُرهُم بهِ، ﴿وَمَن
يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ﴾[الزخرف: 36].
فالَّذِي يُعرِض عَنِ القُرآنِ الكريمِ يُعاقِبُه اللهُ سبحانه، بأنْ يُقيِّضَ له
شَيطانًا يكونُ قرينًا له. قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُمۡ
لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ ٣٧ حَتَّىٰٓ
إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ
فَبِئۡسَ ٱلۡقَرِينُ ٣٨﴾[الزخرف: 37 - 38]. ولا يَعصِمُ الإِنْسانَ مِن
الشَّيطانِ إِلاَّ ذِكْرُ اللهِ.
الوَجْه الثَّالث: إِنَّ ذِكرَ اللهِ يَطرُدُ الشَّياطِينَ عَنِ
الإِنْسانِ، ويُحْضِرُ المَلائِكَةَ عِنده.
وَلِذلكَ سُمِّيَ الشَّيطانُ الوَسواسَ الخَنَّاسَ، فإذا تَرَكَ الإِنْسانُ
ذِكْرَ اللهِ جاءَهُ الشَّيطانُ، وإذا ذَكَرَ اللهَ حَفَّتْ به المَلائِكَةُ كما
في الحديثَ: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي
بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ
إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ،
وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» ([1]).
***