وفي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّه لا يَنْبَغِي لِلإِْنْسَان أن يَخْرُج مَن
مَكَةَ مَن أَجَل أن يَأْتِي بِعُمْرَة مَن التَّنْعِيم أَو غَيْره مَن الحِلِّ؛
لأنَّ هَذَا لَو كَان مَن الْخَيْر لَكَان أوَّل النَّاس وَأَوْلاَهُم بِه رَسُول
الله صلى الله عليه وسلم لأَِنَّنَا نَعْلَم أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
أَحْرَص النَّاس عَلَى الْخَيْر؛ ولأنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مُشَرِّع، وَمَبْلَغ
عَن الله سبحانه وتعالى ولو كَان هَذَا مِن الأُْمُور الْمَشْرُوعَة لبيَّنَه
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لأمَّته إمَّا بِقَوْلِه، وإما بِفِعْلِه، وإما
بِإِقْرَارِه، وُكِل ذَلِك لَم يَكُن، وَالاِتِّبَاع وإنَّ قلَّ خَيْر مَن
الاِبْتِدَاع قلَّ أَو كثُرَ.
حُكْم إفْطَار عدَّة
أَيَّام مَن رَمَضَان
بِسَبَب مشقَّة
الْعَمَل
**********
كُنْتُ أَعْمَل
سائقًا وَأَفْطَرَت بَعْض أَيَّام رَمَضَان بِحُكْم عَمَلِي الشاقِّ والحَرِّ
الشَّدِيد حَيْث إنَّنِي فِي بَعْض الأَْيَّام كَنَّت أُسَافِر مَسَافَة 300كم.
هَل يَجُوز لِي أن أَقْضِي هَذَا؟
الَّذِي أَرَى فِي
هَذِه الْمَسْأَلَة أن إفْطَارَك مَن أَجْل الْعَمَل حَرَام، ولا يَجُوز، وَإِذَا
كَان لا يُمْكِن الْجَمْع بَيْن الْعَمَل وَالصَّوْم فَتَأْخُذ إجَازَة فِي شَهْر
رَمَضَان حَتَّى يتسنَّى لَك أن تَصُوم شَهْر رَمَضَان؛ لأنَّ صِيَام شَهْر
رَمَضَان رُكْن مَن أَرْكَان الإسلام لا يَجُوز الإِْخْلاَل بِه.
لكنَّك مَا دُمْت
قَد أَفْطَرْت ظانًّا أن الْفِطْر يَجُوز لَك فِي هَذِه الْحَال فَلا إِثْمَ
عَلَيْك، لَكِن عَلَيْك الآْن قضاؤه لِقَوْل الله تَعَالَى: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ
سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ﴾ [البقرة: 185].
وَعَلَيْك ألاَّ تَعُود لِمِثْل هَذَا الْعَمَل. أَسْأَل الله تَعَالَى أن يوفِّقنا جميعًا لِلتَّوْبَة النَّصُوح، وَأَن يَرْزُقَنَا الْبَصِيرَة فِي دِينِنَا حَتَّى نَعْبُدَه عَلَى بَصِيرَة، وَنَدْعُو إلَيْه عَلَى بَصِيرَة.