×

 وَلِكِنِّهَا تَحْقِن بالوريد فَهَذِه أيضًا مُفْطِرَة عَلَى الرَّاجِح؛ لأَنَّهَا تَخْتَلِط بِالدَّم وَتَسِير فِي الْبَدَن وَيَحْصُل لِلْبَدَن مِنْهَا وَتَنْشِيط، وَتَنْفُذ إِلَى الْجَوْف تُفْطِر، أَمَّا إِذَا كَانَت الإِْبْرَة فِي الْعَضْل وَلَيِسَت فِي الْوَرِيد فَهَذِه لَعَلَّهَا لا تُفْطِر وَعَلَى الْمُسْلِم أن يُحْتَاط لِدِينِه؛ فَالأَْمْر إذْن عَلَى ثَلاَثَة أَصْنَاف:

الصِّنْف الأَْوَّل: إبَر مُغَذِّيَة وَهَذِه تُفْطِر؛ لأنَّها تَقُوم مَقَام الطَّعَام وَالشِّرَاب مَن غَيْر إشْكَال.

الصِّنْف الثَّانِي: إبَر لَيْسَت مُغَذِّيَة تُؤْخَذ عَن طَرِيق الْوَرِيد وَاَلَّذِي أَعْتَقِدُه أَنَّهَا تُفْطِر؛ لأنَّها تَخْتَلِط بِالدَّم وَتَسِير فِي الْبَدَن، وَتَدْخُل فِي الْعُرُوق.

وَالصِّنْف الثَّالِث: إبَر غَيْر مُغَذِّيَة ولا تُؤْخَذ عَن طَرِيق الْوَرِيد وَإِنَّمَا تُؤْخَذ عَن طَرِيق الْعَضْل فَهَذِه الأحواط لِلإِْنْسَان أن يَتْرُكَهَا إِلَى اللَّيْل وَإِنّ أَخَذَهَا فَلا أَرَى أَنَّه يَفْسُد صَوْمُه.

أَمَّا بِالنِّسْبَة لسحب الدَّم فَإِذَا كَان الدَّم يسيرًا كالذي يُؤْخَذ لِلتَّحْلِيل فَهَذَا لا يُؤَثِّر عَلَى صِيَامِه. أَمَّا إِذَا كَان الدَّم كثيرًا بِأَنّ سَحَب مِنْه كَثِير لإسعاف مَرِيض مثلاً، أَو لَبَنُك الدَّم، أَو التبرُّع بِه فَهَذَا يُفْطِر وَيَفْسُد الصَّوْم لأَنَّه كَالْحِجَامَة. وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُوْل: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ لَما رَأَى رَجُلاً يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ» ([1]).

فَالْحِجَامَة تُفَطِّرُ عَلَى الصَّحِيح مَن قَوْلِيّ الْعُلَمَاء بِنَصّ الْحَدِيث وَمِثْلَهَا سَحَب الدَّم إِذَا كَان كثيرًا لأنَّه بِمَعْنَى الْحِجَامَة، وَالله أَعْلَم.


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (744)، أحمد (3/ 465).