فالفرقان
من أسماء القرآن، وكذلك التوراة والإنجيل يوصفان بأنهما فُرْقان، أي: فارقة بين
الحق والباطل.
ثم
تَوَعَّد الذين يكفرون بآيات الله، فقال: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ لَهُمۡ
عَذَابٞ شَدِيدٞۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٞ ذُو ٱنتِقَامٍ﴾
[آل عمران: 4]، ومعنى {كَفَرُواْ بَِٔايَٰتِ
ٱللَّهِ﴾ أي: جحدوها وأنكروها.
{لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۗ﴾الألم
لا يعلم شدته إلا الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم كذبوا بآيات الله؛ لأنهم قامت عليهم
الحجة فأنكروها، فصاروا أشد الناس عذابًا يوم القيامة؛ لأن مَن يعلم ليس كمن لا
يعلم، فهم عَصَوا الله على بصيرة وعن علم.
{وَٱللَّهُ عَزِيزٞ﴾
[آل عمران: 4] أي: قوي منيع لا يُغالَب سبحانه وتعالى.
{ذُو ٱنتِقَامٍ﴾
[آل عمران: 4] أي: صاحب انتقام، ينتقم ممن عصاه وخالف أمره وكَذَّب بآياته، فإن
الله ينتقم منه سبحانه وتعالى.
لا
يَترك الله الكفار يُكذِّبون بآيات الله ويستهزئون برسل الله ويسخرون من الدين، لا
يتركهم سبحانه وتعالى.
فهذا
تحذير للذين يُكذِّبون بالقرآن، إما أنهم يُكذِّبون بأصله ونزوله
من عند الله، أو يُكذِّبون أخباره التي أخبر بها عن الماضي والمستقبل والجنة
والنار، أو يُكذِّبون بأحكامه وأوامره ونواهيه، أو يُكذِّبون ببعضه، فمَن كَذَّب،
بآية واحدة أو بحرف من القرآن؛ فإنه كافر بالقرآن كله وعليه هذا الوعيد. ومِن
الكفر به عدم تحكيمه.
ثم قال سبحانه: {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَخۡفَىٰ عَلَيۡهِ شَيۡءٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ﴾ [آل عمران: 5]. فالله الذي أنزل هذا القرآن يَعلم مَن يعمل به ويُصدِّقه، ويَعلم مَن يُكذِّب به ويترك العمل به، لا يخفى عليه شيء صغير أو كبير، ظاهر أو باطن.