×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

يعلم أحوال هذا الجنين، وماذا يكون له، وماذا يعمل إذا وُلد، ومدة أجله.

ولذلك قد يحصل بين الذكر والأنثى اتصال ولا يحصل بعده حمل، وقد يحصل اتصال ويحصل حمل، فما هو الفرق بين هذا وهذا؟ إنها إرادة الله سبحانه وتعالى، فالله جل وعلا هو الذي يريد خلق هذا الجنين، أو أنه لا يكون مخلوقًا، {لِّلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَٰثٗا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ ٤٩ أَوۡ يُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانٗا وَإِنَٰثٗاۖ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًاۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٞ قَدِيرٞ ٥٠ [الشورى: 49- 50] يعني يشكلهم، {ذُكۡرَانٗا وَإِنَٰثٗاۖ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًاۚ [الشورى: 50]، هو الذي يتصرف سبحانه وتعالى في خلق الأجنة في بطون الأمهات.

ثم مَن هو الذي يغذي هذا الجنين في بطن أمه وهو منعزل عن العالم في ظلمات ثلاث؟ مَن الذي يوصل له الغذاء ويُمده بالحياة والصحة وينميه، إلا الله سبحانه وتعالى ؟

قال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ ١٢ ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ ١٣ [المؤمنون: 12- 13]، أي نقطة مَنِيٍّ، {فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ [المؤمنون: 13] وهو الرحم، {ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ [المؤمنون: 14] يعني ينقلب المَنِيُّ إلى دم، {فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ [المؤمنون: 14] يعني قطعة لحم، قطعة اللحم تحولت إلى عظام وعروق وحواس وسمع وبصر ولحم وعظم، هذه قدرة القادر سبحانه وتعالى، {فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ [المؤمنون: 14].

لو اجتمع أهل الأرض كلهم والأطباء والخبراء على أنهم يعملون هذه العمليات، ما استطاعوا، وما يستطيعون بخبراتهم وطبِّهم ومهاراتهم


الشرح