وهذان الاسمان ترجع إليهما
جميع أسماء الله وصفاته؛ ولذلك جاء في الحديث أن هذا هو «اسْمُ اللَّهِ
الأَْعْظَمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ»([1]).
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ﴾
[آل عمران: 3] وهذا من قيومته سبحانه وتعالى، أنه نَزَّل الكتاب هداية لعباده، وهو
من صفات الأفعال، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ﴾
أي: القرآن، فالقرآن مُنزَّل من عند الله سبحانه وتعالى،
وهو
كلامه جل وعلا.
والإنزال
يكون من العلو، فالله جل وعلا له صفة العلو، وقد أَنزل على عبده محمد صلى الله
عليه وسلم القرآن بواسطة جبريل عليه السلام، فجبريل تَلَقَّاه عن الله عز وجل
وتَحَمَّله عن الله، ثم بَلَّغه لمحمد صلى الله عليه وسلم، ومحمد صلى الله عليه
وسلم بَلَّغه لأمته.
{وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٩٢ نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ ١٩٣﴾ [الشعراء: 192- 193]، والروح هو جبريل عليه السلام، {عَلَىٰ قَلۡبِكَ﴾
[الشعراء: 194] أي على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، {عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤ بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ ١٩٥﴾
[الشعراء: 194- 195]، هذا هو القرآن.
{بِٱلۡحَقِّ﴾
[آل عمران: 3] فالقرآن حق وما جاء به حق، هو حق من عند الله عز وجل، لا مرية في
ذلك إلا عند الكفرة والكذابين. وإلا فكلُّ مؤمن وكل عاقل يقطع بأن هذا القرآن من
كلام الله سبحانه وتعالى.
و {نَزَلَ﴾ [الشعراء: 193] غير {أأَنزَلَ﴾؛ لأن {أأَنزَلَ﴾ بمعنى أنه أنزل جملة واحدة. وأما {نَزَلَ﴾ فهو تنزيل شيء فشيء. فالقرآن تَنَزَّل على محمد صلى الله عليه وسلم شيئًا فشيئًا بحَسَب الوقائع والحوادث، ولأجل التسهيل على الأمة. فلو نَزَل القرآن جميعًا في وقت واحد بأوامره ونواهيه، وطُلب
([1]) أخرجه: أحمد رقم: (12205)، وأبو داود رقم (1495)، وابن ماجه رقم (3858)، والنسائي رقم (1300).