×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الثالث

من الأمة أن تعمل به جميعًا؛ لشق ذلك عليها أو لم تَقدر، ولكن الله جل وعلا نَزَّله شيئًا فشيئًا؛ ولذلك لما قال المشركون: {لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ [الفرقان: 32]. رَدَّ الله عز وجل عليهم، فقال تعالى: {كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَٰهُ تَرۡتِيلٗا [الفرقان: 32] أي: متتابعًا ومنجَّمًا على حَسَب الوقائع.

وقد بدأ إنزال القرآن في مكة حينما أتى جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء، وقال له: {ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ [العلق: 1].

ثم تتابع نزول القرآن في ثلاث وعشرين سنة، ثلاث عَشْرة سنة في مكة، وعَشْر سنين في المدينة. والقرآن يتنزل شيئًا فشيئًا على محمد صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر. {بِٱلۡحَقِّ [آل عمران: 3] أي: كله حق لا مِرْية فيه، ويتضمن الحق والعدل والحكم بين الناس.

{مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ [آل عمران: 3] أي: مُصدِّقًا ومُوافِقًا لما سبقه من الكتب - التوراة والإنجيل - وذلك لأن الله ذَكَر صفات هذا الرسول صلى الله عليه وسلم في التوراة وفي الإنجيل، وذَكَر صفة أمته، فنَزَل القرآن يُصدِّق ما ذكره الله عز وجل في التوراة والإنجيل؛ ولهذا قال تعالى: {ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ [البقرة: 146]. يعرفون الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم. ومن أين عَرَفوه؟ مما ذكره الله في التوراة والإنجيل.

{وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ [آل عمران: 3] وهي الكتاب الذي أنزله الله على موسى عليه السلام.

{وَٱلۡإِنجِيلَ [آل عمران: 3] وهو الكتاب الذي أنزله الله على عيسى عليه السلام.


الشرح